أهل بغيٍ ولم يُدْعَوا به حينئذٍ؛ لدخولهم في غمار أهل الردة، فأطلقت عليهم، ومن ثم لما انفرد البغاة في زمن علي كرم اللَّه وجهه. . سُمُّوا بغاة، ومنهم من سمح بها لأبي بكر إلا أن رؤساءهم منعوهم، وهؤلاء هم الذين وقعت فيهم المناظرة السابقة، ثم بان لعمر صواب رأي أبي بكر، فوافقه على قتالهم لا تقليدًا (?) -لأن المجتهد لا يقلد مجتهدًا- بل لِما اتضح عنده من الدليل الذي ذكره أبو بكر.

وقد زعم من لا خلاق له ولا دين من الرافضة -وإنما رأس مالهم البهت والكذب- أن قتاله إياهم كان عسفًا وظلمًا، وأنه أول من سبى المسلمين مع وجود شُبَه قامت عندهم يعذرون بها، وترفع السيف عنهم، وهي قوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} الآية، فالخطاب خاصٌّ به صلى اللَّه عليه وسلم، وليس لأحدٍ من التطهير والتزكية والصلاة على المتصدق ما له صلى اللَّه عليه وسلم.

وهذا الزعم واضح البطلان؛ لما مر أن منهم من ارتد بدعائه إلى نبوة من مر، ومنهم من أنكر الشرائع كلها، فهؤلاء هم الذين رأى أبو بكر سبيهم، ووافقه أكثر الصحابة رضي اللَّه تعالى عنهم، ومنهم علي كرم اللَّه وجهه الواجبُ العصمةِ عندهم؛ فإنه استولد جاريةً من سبي بني حنيفة وأولدها محمدَ ابن الحنفية الذي يزعم بعض الرافضة ألوهيته.

قال الخطابي: (ثم لم ينقضِ عصرُ الصحابة حتى أجمعوا على أن المرتد لا يُسبى) (?) أي: ومن ثم لما استخلف عمر. . ردَّ عليهم سبيهم، لكن أصبغَ -من أصحاب مالك- قائلٌ برأي أبي بكر من سبي أولاد المرتدين، وهو قياس قولِ مَنْ قال من أصحابنا: إنهم كالكفار الأصليين، فحكاية الخطابي الإجماع لم تتم له.

وإنما أُضيفت الردة لمانعي الزكاة مع بقاء إيمانهم؛ إرادةً لمعناها اللغوي، أو لمشاركتهم أهلها في منع بعض حقوق الدين، وما ذكروه في الآية جهلٌ منهم؛ فإن خطاب القرآن إما عامٌّ نحو: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ}، وإما خاصٌّ به صلى اللَّه عليه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015