تعالى غنيٌّ عن نصح الناصحين، ثم النصيحة الواجبة من ذلك هي شدة عناية الناصح بإيثاره محبة اللَّه تعالى، بفعله جميعَ ما افترض، واجتنابه جميعَ ما حرَّم، والنافلة ما عدا ذلك.
(ولكتابه) مفرد مضاف، فيعم سائر كتبه المنزلة؛ بأن يؤمن بأنها من عنده وتنزيله، ويُميِّز القرآنَ بأنه لا يشبهه شيءٌ من كلام الخلق، ولا يقدر أحدٌ منهم على الإتيان بمثل أقصر سورةٍ منه، وبأن يتلوه حق تلاوته: خشوعًا، وتدبُّرًا، ورعايةً لما يجب له مما اتفق عليه القرَّاء، ويذبَّ عنه تأويل المحرفين، وطعن الطاعنين، ويُصدِّق بجميع ما فيه، ويقف مع أحكامه، ويتفهم أمثاله وعلومه، وينشرها، ويبحث عن عمومه وخصوصه، وناسخه ومنسوخه، ومطلقه ومقيده، وظاهره ومجمله، ونحو ذلك، ويعتني بمواعظه، ويتفكَّر في عجائبه، ويعمل بمحكمه، ويؤمن بمتشابهه مع التنزيه عمَّا يوهمه ظاهره مما لا يليق بعظيم جلال اللَّه وعليِّ كماله، تعالى عما يقول الظالمون والجاحدون علوًا كبيرًا، ويمسك عن الخوض في تفسيره ما دام لم تجتمع فيه آلاته، ويدعو إلى جميع ذلك ويحض عليه، ويُرغِّب الناس في مسابقتهم إليه.
(ولرسوله) صلى اللَّه عليه وسلم بتصديق رسالته، والإيمان بجميع ما جاء به، وطاعته في أمره ونهيه، ونصرة دينه حيًا وميتًا، ومعاداة مَنْ عاداه، وموالاة مَنْ والاه، وإعظام حقه وتوقيره، وإحياء سنته بنشرها وتصحيحها، ونفي التُّهَم عنها، وانتشار علومها، والتفقه في معانيها، والإمساك عن الخوض فيها بغير علم، والدعاء إليها، والتلطُّف في تعليمها، وإظهار إعظامها وإجلالها، وإجلال أهلها من حيث انتسابُهم إليها، والتأدب بآدابه عند قراءتها، ومحبة آله وأصحابه، ومجانبة من ابتاع في سنته، أو انتقص أحدًا من صحابته، والدعاء إلى جميع ذلك سرًا وعلنًا، ظاهرًا وباطنًا.
(ولأئمة المسلمين) وهم الخلفاءُ ونوابُهم، بطاعتهم فيما يوافق الحق؛ كالصلاة خلفهم، والجهاد معهم، وأداء الصدقات إليهم إن طلبوها، أو كانوا عادلين، وترك الخروج عليهم وإن جاروا، والدعاء بالصلاح لهم، ومعاونتهم عليه، وتنبيههم له،