وأنه أحد الأحاديث التي عليها مدار الإسلام؛ لأنه صلى اللَّه عليه وسلم نبَّه فيه على صلاح المطعم والمشرب والملبس وغيرها، وعلى أنه ينبغي أن يحافظ على صلاح ذلك وخلوصه من الشُّبَهِ؛ ليحمي دينه وعرضه، وحذَّر من مواقعة الشُّبَه، وأوضح ذلك بضرب ذلك المثل العظيم، ثم بيَّن أهم الأمور، وهو مراعاة القلب، الذي بصلاحه تنصلح سائر أموره الظاهرة والباطنة، وبفساده تفسد جميعها.
ومن ثم قيل: جَعْلُ طائفةٍ هذا الحديثَ ثلثَ الإسلام أو ربعَهُ استرواحٌ (?)، وإلَّا. . فلو أمعنوا النظر فيه من أوله إلى آخره. . لوجدوه متضمنًا لعلوم الشريعة كلها ظاهرها وباطنها؛ لأنه بُيِّنَ فيه الحلالُ وقسيماه مع ما يتعلَّق بها مما أشرنا إليه في شرحها، وصلاح القلب وفساده، وأعمال الجوارح التابعة له، والورع الذي هو أساس الخيرات، ومنبع سائر الكمالات.
ومن ثم قال الحسن: (أدركنا قومًا كانوا يتركون سبعين بابًا من الحلال خشية الوقوع في بابٍ من الحرام) (?).
وهذه الجملة التي اشتمل عليها مستلزمةٌ لمعرفة تفاصيل الشريعة كلها أصولها وفروعها.
* * *