هنا: يسرع (أن يرتع) بفتح التاء فيه وفي ماضيه.
"فيه" أي: تأكل ماشيته منه فيعاقب، وأصله: الإقامة والتبسُّط في الأكل والشرب، ومنه قول إخوة يوسف: {نرتع ونلعب} (?)، فكما أن الراعي الخائف من عقوبة السلطان يبعد؛ لأنه يلزم من القرب غلبة الوقوع وإن أكثر الحذر، فيعاقب. . كذلك حمى اللَّه سبحانه وتعالى، أي: محارمه التي حظرها، لا ينبغي قرب حماها، فضلًا عنها؛ لغلبة الوقوع فيها حينئذ، فيستحق العقوبة، وإنما الذي ينبغي تحري البعد عنها وعما يجر إليها من الشبهات ما أمكن، حتى يسلم من ورطتها، ومن ثَمَّ قال تعالى: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا} نهى عن المقاربة حذرًا من المواقعة، وقد حُرِّمت أشياء كثيرة مع أنه لا مفسدة فيها؛ لأنها تجر إليها؛ كقليل المسكر، وقُبْلة الصائم ممن خاف، والخلوة بالأجنبية.
قال شارح مالكي: (فيه دليل لسد الذرائع) اهـ، وفي إطلاقه نظر؛ لأنه إن أُريد مطلق سدها. . فواضح؛ إذ المذاهب الأربعة لا تخلو من ذلك، وإن أُريد خصوصه عند مالك. . فلا دليل فيه لهذا الخصوص.
(أَلَا) حرف استفتاح كـ (أَمَا) لكن الأُولى يتعيَّن كسر (إن) بعدها، والثانية يجوز فيها الكسر والفتح، كالواقعة بعد (إذا)، والقصد به (?) إعلام السامع بأن ما بعده مما ينبغي أن يصغي إليه، ويفهمه، ويعمل به لعظم موقعه.
(وإن لكل ملِك) من ملوك العرب (حمى) يحميه عن الناس، ويتوعَّد من دخل إليه، أو قرب منه بالعقوبة الشديدة، وقد حمى صلى اللَّه عليه وسلم حرم المدينة عن أن يُقطَع شجرُه، أو يصاد صيده (?)، وحمى عمر رضي اللَّه عنه لإبل الصدقة أرضًا ترعى فيها (?).