صريحٍ فيه، وإنما يؤخذ من عمومٍ أو مفهومٍ أو قياسٍ، وهذا يكثر اختلافُ أفهامِ العلماء فيه، أو لاحتمال الأمر فيه للوجوب والندب (?)، والنهي للكراهة والحرمة، أو لنحو ذلك.
ومع هذا فلا بد في الأمة من عالم يوافق الحقَّ قولُه، فيكون هو العالم بهذا الحكم، وغيره يكون الأمر مشتبهًا عليه كما يأتي.
وخرج بالحيثية التي ذكرتُها علمهُنَّ من حيث إشكالهنَّ؛ لترددهنَّ بين أمورٍ محتملة؛ لأن علم كونهنَّ مشتبهات يستلزم علمهنَّ من هذه الحيثية.
أما النادر من الناس وهم الراسخون في العلم. . فلا يشتبه عليهم ذلك؛ لعلمهم من أيِّ القسمين هو بنصٍّ، أو إجماعٍ، أو قياسٍ، أو استصحابٍ، أو غير ذلك.
فإذا تردَّد شيءٌ بين الحل والحرمة، ولم يكن فيه نصٌّ ولا إجماعٌ. . اجتهد فيه المجتهد، وأخذ بأحدهما بالدليل الشرعي، فيصير مثله (?).
وقد يكون دليله غير خالٍ عن الاحتمال، فيكون الورع تركه، كما يرشد إليه قوله: "فمن اتقى الشبهات. . . إلخ"، وما لم يظهر للمجتهد فيه شيءٌ فهو باقٍ على اشتباهه بالنسبة للعلماء وغيرهم، ومثله ما لم يتنازعه شيءٌ مما مر، لكن لم يتيقَّن سبب حله ولا حرمته؛ كشيءٍ وجده ببيته ولم يدر هل هو له أو لغيره، وتقوى الشبهة بأن يكون هناك محظورٌ من جنسه ويشك هل هو منه أو من غيره؟ وحينئذٍ اختلفوا فيما يؤخذ به، فقيل: بحله؛ لقوله صلى اللَّه عليه وسلم الآتي: "كالراعي. . . إلخ" فتكره مواقعته، والورع تركها؛ لأنه -أعني الورع- عند ابن عمر رضي اللَّه تعالى عنهما ومن تبعه: تركُ قطعة من الحلال خوف الوقوع في الحرام.
وقيل: بحرمته؛ لأنه يوقع في الحرام، ولقوله صلى اللَّه عليه وسلم الآتي: "فمن اتقى الشبهات. . . إلخ".
وقيل: لا يقال فيه واحدٌ منهما؛ لأنه صلى اللَّه عليه وسلم جعله قسيمًا لهما.