ومن ثَمَّ استجاز كثيرًا منه الصحابةُ رضوان اللَّه تعالى عليهم (?)، كما وقع لأبي بكر وعمر وزيد بن ثابت رضي اللَّه تعالى عنهم في جمع القرآن؛ فإن عمر أشار به على أبي بكر؛ خوفًا من اندراس القرآن بموت الصحابة رضي اللَّه تعالى عنهم لمَّا كثر فيهم القتلُ يوم اليمامة وغيره، فتوقَّف لكونه صورةَ بدعة، ثم شرح اللَّه صدره لفعله؛ لأنه ظهر له أنه يرجع إلى الدين، وأنه غير خارجٍ عنه، ومن ثَمَّ لمَّا دعا زيد بن ثابت وأمره بالجمع. . قال له: (كيف تفعل شيئًا لم يفعله رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم؟!) فقال: (واللَّه إنه حقٌّ) ولم يزل يراجعه حتى شرح اللَّه صدره للذي شرح له صدرهما (?).

وكما وقع لعمر رضي اللَّه تعالى عنه في جمع الناس لصلاة التراويح في المسجد، مع تركه صلى اللَّه عليه وسلم لذلك بعد أن كان فعله لياليَ؛ وقال -أعني عمرَ رضي اللَّه عنه-: (نعمت البدعة هي) (?) أي: لأنها وإن أُحدثت ليس فيها رَدٌّ لِمَا مضى، بل موافقةٌ له؛ لأنه صلى اللَّه عليه وسلم علَّل الترك بخشية الافتراض، وقد زال ذلك بوفاته صلى اللَّه عليه وسلم.

وقال الشافعي رضي اللَّه عنه: (ما أُحدث وخالف كتابًا أو سنةً أو إجماعًا أو أثرًا. . فهو البدعة الضَّالة، وما أُحدث من الخير ولم يخالف شيئًا من ذلك. . فهو البدعة المحمودة) (?).

والحاصل: أن البدع الحسنة متفقٌ على ندبها؛ وهي: ما وافق شيئًا ممَّا مرَّ ولم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015