عندها وفساده، وعلي الخاتمة سعادةَ الآخرة وشقاوتَها، والمبني على المبني على الشيء مبنيٌّ على ذلك الشيء (?)، فحقيقة السعادة أو الشقاوة مبنيةٌ على سابق العلم بها (?)، فهي إذن أَولى بالخوف منها والمراعاة لها.
قال أبو المظفر السمعاني: وسبيلُ باب القدر -أي: المستفاد من الأحاديث والآيات السابقة- التوقيفُ من الكتاب والسنة، فمن عدل عنهما لقياسٍ أو عقلٍ. . ضلَّ وتاهَ، ولم يصِلْ إلى ما يطمئن إليه قلبه؛ لأن القدر سرٌّ من أسرار اللَّه تعالى، ضُربت دونه أستارٌ اختص اللَّه تعالى بها، وحجبها عن عقول خلقه حتى الأنبياء والمرسلين والملائكة المقربين، قيل: ولا ينكشف إلا بعد دخول الجنة.
وأفاد الحديث: أن التوبة تهدم ما قبلها من الذنوب، وأن من مات على خيرٍ أو شرٍّ. . أُديرت عليه أحكامه. نعم؛ الميت فاسقًا تحت المشيئة، خلافًا للمعتزلة.
وأن عمل مَنْ سبق في علم اللَّه موتُه على الكفر يكون صحيحًا مُقرِّبًا للجنة، حتى ما يبقى بينه وبينها إلا ذراع، وأن عمل مَنْ سبق في العلم موتُه على الإسلام يكون باطلًا مُقرِّبًا من النار، حتى ما يبقى بينه وبينها إلا ذراع، لكن لا مطلقًا في هذين، بل باعتبار ما يظهر لنا؛ كما دلَّ عليه خبر مسلم: "إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس، وهو من أهل النار" (?).
أما باعتبار ما في نفس الأمر. . فالأول لم يصح له عملٌ قط (?)، فلم يقرب من الجنة شيئًا مطلقًا؛ لأنه كافرٌ في الباطن، وأما الثاني. . فعملُه الذي لا يحتاج لنيةٍ صحيحٌ، والذي يحتاج إليها باطلٌ من حيث عدمُ وجودها.
هذا فيما صورته سورة خيرٍ، وأما ما عداه. . فلا يؤثر فيه الكفر؛ لخبر: "أسلمت على ما سلف لك من خير" (?).