(فيعمل بعمل أهل النار، فيدخلها) تفريعٌ على ما مهَّده صلى اللَّه عليه وسلم من كتابة السعادة والشقاوة عند نفخ الروح مطابقين لما في العلم الأزلي؛ لبيان أن الخاتمة إنما هي على وفق تلك الكتابة، ولا عبرة بظواهر الأعمال قبلها بالنسبة لحقيقة الأمر وإن اعتبر بها من حيث كونها علامة كما يأتي بسطه، إما لكفره (?)، فيكون دخولَ خلودٍ، وإما لمعصيته، فيكون دخول تطهيرٍ، قال القاضي وغيره: وهذا نادرٌ جدًا؛ لخبر: "إن رحمتي سبقت غضبي" (?)، وفي رواية: "تغلب غضبي" (?)، بخلاف ما بعده؛ فإنه كثيرٌ، فلله الحمد والمِنَّة على ذلك.

(وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب) بالمعنى السابق (فيعمل بعمل أهل الجنة، فيدخلها) أي: بحكم القدر الجاري عليه في هذا وما قبله، المستند إلى خلق الدواعي والصوارف في قلبه إلى ما يصدر عنه من أفعال الخير، فمن سبقت له السعادة. . صرف اللَّه تعالى قلبه إلى خيرِ يختم له به، وعكسه بعكسه.

وفي بعض روايات هذا الحديث: "وإنما الأعمال بالخواتيم" (?)، و: "الأعمال بخواتيمها" (?).

وفي حديثٍ صحيحٍ: "اعملوا؛ فكلٌّ ميسرٌ لما خلق له" (?) أي: فذو السعادة ميسرٌ لعمل أهلها، وذو الشقاوة ميسرٌ لعمل أهلها، وهذا أيضًا فيه إشارة إلى تصريف كلٍّ في أفعاله إلى ما يراد به بحسب القدر الجاري عليه، المستند إلى سابق العلم به بحسب خلق تلك الدواعي والصوارف فيه، المشارِ إليه بقوله صلى اللَّه عليه وسلم:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015