رضي اللَّه عنه، ثم رجع إلى المدينة ومات بها -وقيل: بالكوفة- سنة اثنتين وثلاثين عن بضعٍ وستين سنة، وصلى عليه الزبير ليلًا، ودفنه بالبقيع بإيصائه له بذلك؛ لكونه صلى اللَّه عليه وسلم كان قد آخى بينهما.
رُوي له ثمان مئة حديث وثمانية وأربعون، أخرجا منها أربعةً وستين، وانفرد البخاري بأحد وعشرين، ومسلم بخمسة وثلاثين، روى عنه الخلفاء الأربعة، وكثيرون من الصحابة ومن بعدهم رضي اللَّه تعالى عنهم.
(قال: حدثنا) أي: أنشأ لنا خبرًا حادثًا، وهذا أصل لما استعمله المحدِّثون من أن (حدثنا) لما سمع من الشيخ، و (أخبرنا) لما قُرئ عليه، و (أنبأنا) لما أجازه، على الخلاف في ذلك (?).
(رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم وهو الصادق) في جميع ما يقوله؛ إذ هو الحق الصدق المطابق للواقع.
(المصدوق) فيما أُوحي إليه؛ لأن الملَك يأتيه بالصدق، واللَّه سبحانه وتعالى يصدقه فيما وعده به، والجمع بينهما للتأكيد؛ إذ يلزم من أحدهما الآخرُ، وعكس ذلك نحو ابن صياد، فهو كاذبٌ مكذوب، ومن ثَمَّ لما قال للنبي صلى اللَّه عليه وسلم: يأتيني صادقٌ وكاذبٌ، وأرى عرشًا على الماء. . قال له: "خُلِّط عليك" (?).
(إن) بكسر الهمزة على حكاية لفظه صلى اللَّه عليه وسلم (أحدكم) أي: معشر بني آدم، و (أحد) هنا بمعنى واحد، لا بمعنى (أحد) التي للعموم؛ لأن تلك لا تستعمل إلا في النفي، نحو: لا أحد في الدار، أصله: وحد، قُلبت واوه المفتوحة همزةً على غير قياس لخفَّتها، بخلاف المضمومة كوجوه وأُجْوُه؛ فإنه مقيسٌ