رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم؛ لاحتمال جريان القضية لرجلين) اهـ (?)
وهذا أَولى من جواب ابن الصلاح بأن هذه لا تقاوم روايةَ مسلم السابقة (?)؛ لأنها وإن لم تقاومها فهي صحيحةٌ أيضًا، فالجمع بينهما أَولى من إلغاء إحداهما.
واستفيد من بناء الإسلام على ما مر، مع ما هو معلومٌ أن البيت لا يثبت بدون دعائمه: أن من تركها كلها. . فهو كافر، وكذا من ترك الشهادتين؛ إذ هما الأساس الكلي الحامل لجميع ذلك البناء ولبقية تلك القواعد، كما استفيد من أدلةٍ أخرى؛ كالخبر الصحيح أن: "رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد" (?)، فالمراد بـ (الإسلام) فيه: الشهادتان بدليل سياقه، بخلاف من ترك غيرهما؛ فإنه إنما يخرج عن كمال الإسلام بقدر ما ترك منها؛ لبقاء البناء حينئذٍ، ويدخل في الفسق لا في الكفر، إلا إن جحد وجوبه، وعليه حمل الأكثرون خبر مسلم: "بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة" (?).
وخالف الإمام أحمد وآخرون فأخذوا بظاهره من كُفْرِ تاركها مطلقًا، وبالغ إسحاق فقال: عليه إجماع أهل العلم، وقال غيره: عليه جمهور أهل الحديث، وأجرت طائفةٌ ذلك في الأركان الثلاثة، وهو روايةٌ عن أحمد اختارها طائفة من أصحابه وبعض المالكية، بخلاف متعلق الإيمان السابق في حديث جبريل؛ فإن تَرْكَ واحدٍ منه كفرٌ (?).
وعُلم مما قدمته ثَمَّ في الكلام على حقيقة الإسلام والإيمان: أن من أتى بهما. . مؤمنٌ كامل، ومن تركهما. . كافر كامل، ومن ترك الإسلام وحده. . فاسق، ويسمى مؤمنًا ناقصًا، ومن ترك الإيمان وحده. . منافقٌ، ويسمى مسلمًا ظاهرًا.