فالذي يظهر: أنه لا إثم عليه أيضًا؛ لأن الفرض أنه جازمٌ بالإيمان في الحال، وإيهام لفظه تدفعه قرائن أحواله.

الرابعة: الإيمان باقٍ حكمًا شرعيًا مع النوم والغفلة والإغماء والجنون والموت وإن ضادت التصديق والمعرفة، ونظير ذلك بقاء نحو النكاح وسائر العقود في هذه الأحوال.

(قال: فأخبرني عن الإحسان) (أل) فيه للعهد الذهني المذكور في الآيات الكثيرة؛ نحو: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ}، و {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}، {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ} فلمَّا كثر تكرره وعظم ثوابه. . سأل عنه جبريل؛ ليُعلِمهم بعظيم ثوابه وكمال رفعته.

وهو مصدر: أحسنت كذا وفي كذا؛ إذا أحسنتَهُ وكملتَهُ (?)، متعديًا بهمزة، من (حسن كذا)، وبحرف الجر كـ (أحسنت إليه) إذا فعلتَ معه ما يحسن فعله، والمراد هنا: الأول؛ إذ حاصله راجعٌ إلى إتقان العبادات بأدائها على وجهها المأمور، مع رعاية حقوق اللَّه تعالى فيها، ومراقبته، واستحضار عظمته وجلاله ابتداءً واستمرارًا، وهو على قسمين (?):

أحدهما: غالبٌ عليه مشاهدة الحق؛ كما (قال) صلى اللَّه عليه وسلم: (أن تعبد اللَّه) من (عبد): أطاع، والتعبد: التنسك، والعبودية: الخضوع والذل (كأنك تراه) وهذا من جوامع الكلم؛ لأنه جمعَ -مع وجازته- بيانَ مراقبةِ العبد ربَّه في إتمام الخضوع والخشوع وغيرهما في جميع الأحوال، والإخلاصِ له في جميع الأعمال، والحث عليهما (?)، مع بيان سببهما الحامل عليهما؛ لملاحظة أنه لو قُدِّر أن أحدًا قام في عبادةٍ وهو يعاين ربه سبحانه وتعالى. . لم يترك شيئًا مما يقْدِر عليه من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015