وفي "شرح مسلم": (عن أكثر أصحابنا المتكلمين: لا يقول: أنا مؤمنٌ مقتصرًا عليه، بل يضم إليه: "إن شاء اللَّه تعالى"، وعن الأوزاعي وغيره: التخيير، وهو حسنٌ صحيحٌ؛ إذ مَنْ أطلق. . نَظَرَ إلى أنه جازمٌ في الحال، ومَنْ قال: إن شاء اللَّه. . إما للتبرك، أو للجهل بالخاتمة، والكافر في التقييد بـ "إن شاء اللَّه" كالمسلم) انتهى ملخصا" (?).
وليس الخلاف فيمن يأتي بـ (إن شاء اللَّه) شاكًا في ثبوت الإيمان له حالًا؛ لأنه كافر، بل هو فيمن هو جازمٌ به حالًا، غير أن بقاءه على الموت عليه غير معلومٍ له.
ووجه جوازه: أنه ليس القصد بالاستثناء فيه إلا التبرك؛ اتباعًا لقوله سبحانه وتعالى: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (23) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} فإنه يعمُّ طلب الاستثناء حتى في قطعيِّ الحصول، وقد صرَّح به فيه (?) في: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ} مع أن خبره تعالى قطعيُّ الصدق؛ تعليمًا وتأديبًا لعباده في صرف الأمور كلِّها إلى مشيئته.
ووجه ربطه بالمشيئة: أن المعتبر في النجاة هو الموت على الإيمان، وهذا غير معلوم، وهو أمرٌ مستقبَلٌ، فصح ربطه بها لا تعليقًا، بل تبركًا واتباعًا وفَرَقًا من سوء الخاتمة (?).
وأما توجيهُ منعه بأنَّ تركَهُ أَبعدُ عن التهمة بعدم الجزم به في الحال الذي هو كفر، وبتقدير أنه قصد غير التعليق، فربما اعتادت نفسه التردُّد في الإيمان؛ لكثرة إشعار النفس بواسطة الاستثناء بتردُّدها في ثبوت الإيمان واستمراره. . فجوابه: أنه لا تهمة مع القرائن القطعية بانتفائها.
وأيضًا: إشعار اللفظ بما مر إنما هو بالنظر للتعليق، وليس الكلام فيه؛ إذ الفَرْض أنه إنما قصد التبرك؛ لما مر، على أنه لو فرض أنه أطلق فلم يقصد تعليقًا ولا تبركًا. .