البخاري وغيره، قالوا: ولا مانع عقلًا من قبول التصديق لهما؛ لأن اليقين الأخص من التصديق متفاوت القوة (?)، ألا ترى إلى ما بين أجلى البديهيات ككون الواحد نصف الاثنين، وأخفى النظريات القطعية ككون العالم حادثًا، وأيضًا فكل أحدٍ يقطع بأن تصديقنا ليس كتصديق أبي بكر، وبأن تصديقه ليس كتصديق الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
والمانعون لهما يقولون: نحن لا نمنعهما إلا بالنسبة لذات التصديق دون آثاره الخارجة عنه، وتفاوت اليقين السابق ليس تفاوتًا في شدةٍ وضعفٍ، بل في ظهور انكشافٍ أو تقدُّمٍ أو تأخرٍ، قالوا: وزيادته في الأدلة هي زيادة إشراقه في القلب وثمراته، كدوام حضوره بتوالي أشخاصه؛ إذ هو عَرَضٌ لا يبقى زمانينِ، وتواليهما لاستمرار شهود موجَبه مع شهود الجلال والكمال (?)، وهذا يختص كماله بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ويشاركهم أكابر المؤمنين في نوعٍ منه، فثبت لهم أعداد من الإيمان لا تثبت لغيرهم.
وقضية ذلك: أن استمرارَ حضور الجزم زيادةُ قوةٍ في ذاته وليس كذلك، فإن أراد الأولون هذا بقولهم (?) بزيادة قوته. . فلا خلاف في المعنى؛ لاتفاق الفريقينِ على ثبوت التفاوت في الإيمان بهذا الأمر المعين، وإنما الخلاف حينئذٍ في أن هذا المعيَّن؛ هل هو داخلٌ في ماهية التصديق أو خارجٌ عنها؟ ولا عبرة به؛ لأنه ليس خلافًا في نفس التفاوت؛ قال المصنف رحمه اللَّه تعالى: (قال محققو أصحابنا المتكلمين: نفس التصديق لا يقبلهما، والإيمان الشرعي يقبلهما بزيادة ثمراته، وهي الأعمال ونقصها، قالوا: وفي هذا توفيقٌ بين ظواهر النصوص التي جاءت بالزيادة واللغة، وهو وإن كان ظاهرًا حسنًا فالأظهر -واللَّه أعلم-: أن نفس التصديق يزيد