الواقعة في خلال تلك الأحاديث السابقة، بل والحث على الإقبال عليها؛ رجاء أن يكون ذلك مكفِّرًا لما فرط منه، ففي التعقيب به تمام المناسبة أيضًا.
(وكل حديثٍ منها قاعدةٌ عظيمةٌ من قواعد الدين) القاعدة: أمرٌ كليٌّ يُتَعرف منه أحكام جزئياتِ موضوعِه، كـ: الأمر للوجوب، فإن جزئيات موضوعها وهو الأمر يعرف أحكامها منها بضم الدليل التفصيلي إليها هكذا، نحو: {وَأَقِيمُواْ ألصَّلَوةَ} أمر، والأمر للوجوب، فـ (أقيموا) للوجوب، وبهذا يُعلم أن القاعدة بهذا المعنى ليست مرادةً للمصنف؛ لأن تلك الأحاديث كلها من باب الأحكام التفصيلية دون القواعد الإجمالية، وإنما أراد بالقاعدة الأصلَ الذي يرجع إليه غالب الأحكام أو كثيرٌ منها.
(وقد وصفه العلماء بأن مدار) غالب أحكام (الإسلام عليه) لاستنباطها منه ابتداء، أو بواسطة مقدماتٍ كما يأتي بسطه في شرحها.
(أو هو نصف الإسلام أو ثلثه أو نحو ذلك) كالربع، فكل واحدٍ من هذه الأربعين وُصف بأحد هذه الأوصاف الأربعة، كما ذكره ابن الصلاح في أكثرها؛ فإنه ذكر أقوال الأئمة في تعيينها واختلافهم في أعيانها، فبلغ ما قيل فيه ذلك سبعةً وعشرين، كلها مندرجة في هذه الأربعين، منها عشرون صحيحة، وسبعة حسنة، وبلَّغها المصنف في "أذكاره" إلى ثلاثين، وزاد عليها هنا اثني عشر وذكر في السابع والعشرين حديثين؛ لاجتماعهما على معنًى واحد (?).
وسيتلى عليك في شرح كل منها -إن شاء اللَّه تعالى- ما يظهر به وجه كونه قاعدةً عظيمةً من قواعد الدين.
ومما ينتظم في سلكها: الحديث المتفق عليه: "ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي. . فلأولى رجل ذكر" (?)؛ لأنه جامعٌ لقواعد الفرائض التي هي نصف العلم.
"يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب" (?).