عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس صلوات الله عليه وعلى آبائه الطاهرين والخلفاء الراشدين، وهي الأيام التي زواهر أيامها زواه، ومضاء مضاربها في القضاء مضاه.
فما اجلها فضلا وأفضلها جلالا، واقبلها جدا وأجدها إقبالا، وأقربها ندى ونوالا، وأبعدها مدى ومنالا وما أعلى سني مجدها، وأحلا جنى رفدها، وأفغم ريا رياض فضائلها. وأفعم حيا حياض فواضلها، وأسح سماء سماحها أمطارا، وأصح جناح نجاحها مطارا. والسلطان صلاح الدنيا والدين أبو المظفر يوسف بن أيوب ناصر دعوته وداعي نصرته، ووليه الطائع وسيفه القاطع، والمحكم بأمره، والمؤثر
بحكمه. فرأيت إبداء ميامن هذه الأيام الغر على الآباد بغرر الآداب، وقيدت شوارد معانيها، وسيرت محامد معاليها بهذا الكتاب، وأودعته من فوائد الكلام والفرائد الفذ والتوأم، در السحاب ودر السخاب.
وسميته الفتح القدسي تنبيها على جلالة قدره، وتنويها بدلالة فخره، وعرضته على القاضي الأجل الفاضل، وهو الذي في سوق فضله تعرض بضائع الفضائل. فقال لي: سمه (الفتح القسي في الفتح القدسي) فقد فتح الله عليك فيه بفصاحة قس وبلاغته، وصاغت صيغة بيانك فيه ما يعجز ذوو القدرة في البيان عن صياغته.
ولما كان هذا الفتح في سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة بدأت بها، وأنشأت رياضي بسحبها، وما شهدت إلا بما شاهدته وشهدته، وما استمطرت الاعهاد العهد الذي عهدته، وما عنيت إلا بإيراد ما عاينته، ولا بنيت القاعدة إلا على أس ما تبينته قبينته، وما توخيت إلا الصدق، وما انتهيت إلا الحق، ولا ذكرت كلمة تسقط ولا اعتمدت إلا ما يرضي الله ولا يسخط. وبالله التوفيق والعصمة، وله الحمد ومنه النعمة.