بوقاته. وصاحت طبوله، وساحت سيوله، وانحبت ذيوله، واصطخبت خيوله. وبرقت لوامعه. وأشرقت طوالعه. ومضت عزائمه، وومضت صوارمه. وحلقت العقبان إلى مطار مطارده، وتألقت الخرصان في معاقل معاقده. وسار وأرضه جرد الضوامر، وسماؤه نسج الحوافر. في بحار سوابح يموج على شكائمها اللعاب، وغدران سوابغ كالزلال لمعه الحباب. ومجر ملتهب الجوانب، مشتعل القواضب،
وقب معقودة السبائب، مقودة الجنائب، معصوبة الهوادي هادية العصائب. وعرب ملوية العمائم بالشهب، ملوثة البرود بالقضب.
وترك كالأقمار في هالات التروك، ومماليك في حالات الملوك. وعتاق الوجوه على الوجيهيات العتاق، قد خلقوا للثبات مع قلق الأخلاق. وأعاجم على العراب، عضاب على هضاب. وكرد بحصون الدروع محتمين، وبقباب اليلب مستعصمين. في مسردة الحدق. تقهقر عنها اللهاذم. وتقهقه إذا فلت بها الصوارم. وجيش يصيب العدو ولا يصاب، ويعيب الأقران ولا يعاب.
من كل ناصر للحق، على ضامر للسبق، خرق للنقع راقع لخرق، فاتق للرتق، راتق للفتق. معنق إلى الضرب ضارب للعنق. وفيلق همه فلق الهام، وجحفل ملتهم للجخفل اللهام. يحوي كل أغلب عبل الذراع، وأشم رحب الباع. خواض الكتائب، فياض القواضب. رواض الرعان، نضناض السنان، موار العنان، فوار الجنان. قائد الخيل، زائد السيل، رائد الليل. وهاجت العساكر، وماجت الزواخر، فزأرت القساور وأزهرت الزواهر. وتناحت جذبات الحديد وعذبات الحرير، واشبه سهك الماذي بعبيق العبير.
وكانت نوبة اليزك في ذلك اليوم للملك الأفضل، وهو في نخبة الجحفل بدور ليل القسطل، وشموس يوم المحفل. فوقف لهم وقفا اثرهم، والهبهم بنيران النصال واسعرهم. وقطع طريقهم، وقصد تفريقهم وسطا على أوساطهم (ونادى بإيراد زناد ايراطهم). فانقطعت أواخرهم عن أوائلهم، وسدد سهام المنون إلى مقاتلهم. وأرهق إليهم الأجل. وأحرق عليهم العجل، وطرق نحوهم الوجل، وانهزم من تقدم ولحق الأول، وتعكس من تأخر وانخذل وانخزل.
وأوقد نارا على أهلها مشعلة، وترك تلك الوقعة للمجاهدين الحاضرين مشغلة. ونفذ إلى والده يستنجده، حتى يسرع إليه مدده. ويقول: إن أمددت بالألإ ما أبقيت
من هؤلاء واحدا، ومتى يتفق مثل هذه الفرصة لو أرى لي مساعدا. وترددت إلى السلطان رسل استنجاده واستمداده، وهو متحقق إنه لو ساعده القدر بالقدر لمرى در النصر على مراده، فسار من كان حاضرا من العسكر على عزم أنجاده وإسعاده. ثم قيل للسلطان ما كنا ركبنا بنية المصاف في هذه المرحلة، والناس قد سبقوا إلى المنزلة. وهناك عند قيسارية الحرب أمكن، والقلب إلى انهاز الفرصة أسطن. وأبطئوا عن الاصراخ، فآذن روع الفرنج بالأفراخ.
وعرف ملك الانكتير بما تم على ساقته، وأن الذي وراءه في عاتقه. فصرف عنانه صرف عناده وعاد عاديا