أطلقنا البرهانَ فتناولَ ما ذكره تناولاً أوليًا، لأن معرفة كل من له أدنى عرفانٍ لذلك، يدلُّ علي أنه من الظهور بمكانٍ مكينٍ، إما لكون المنقول يخالفُ ما يشهدُ به الحسُّ، أو كونِه مخالفًا لما عند العرب مخالفةً يشتركُ في معرفتها المقصِّر والكاملُ، فكيف قال ـ كثر الله فوائده ـ: إن ما كان كذلك لا يحتاجُ إلى برهان، وأيُّ برهان أقوى من ذلك البرهان!
قال ـ كثر الله فوائده ـ: وقد بلغني أن بعضَ العلماء المتأخرينَ لم يسَمْ من تغليط القاموسِ للصحاحِ إلا حرفين فقط.
اقول: إن كان هذا البعضُ متأهلاً للكشفِ من أهل الاستعدادِ للحكم بين هذين الإمامينِ، فَنِعْمَ ما فعل، وحبَّذا ما صنع، وعلينا أن ننظر كنظرهِ ونكشف مثل كشْفِه حتى نوافقَه فيما قال، أو نخالفه، وليس لنا أن ندفعَ ما يقوله صاحب القاموس بمجرد ذلك، وعندي في هذا المنقول عن ذلك البعض وِقفةٌ، فإنذَ الصنعاني (?) وهو الإمام الذي لم يأت بعده من يماثُله استدرك كثيرًا مما في كتاب الصحاح، وكذلك ياقوتٌ نقل على الصحاح في حواشيه من التغليطاتِ ما يكثُر تعدادُه، فعلى الطالب للوقوف على الصواب في مثل هذا أن ينظر فيما ذكرناه، فإن لم يجد ذلك فليس له منزلٌ ينزله إلا منزل الحيرة التي أرشدنا إليها ... أرشدنا الله إلى ما يرضيه آمين.