عليه وآله وسلم ـ من قائله، ومع هذا فنحن نعترفُ بفساد ما جاء به ذلك القائلُ، وقد دفعنا بما لا يحتاجُ إلى زيادة، ولكن الشأنَ في إنكار حكايتِه على الحاكي المتعرِّضِ لدفعِه وإطالة ذيل الكلام في ذلك بما لا طائل تحته.

وأما الوجه الثالث فلا أزيد الناظر على إحالته على النظرِ في هذه المناقشةِ وعلى السائلِ ـ عافاه الله ـ أن يقدِّمَ قبل هذه المناقشةِ تقريرَ محلِّ هذه الجملةِ من الإعراب حتى يعرفَ وقوعَها موقعَها على وجهٍ لا يلزم عنه ما ألزم به من الاستدلالِ بالمفهومِ الذي ذكره ثم لو كان لما ذكره وجهُ صحَّةٍ من الأخذ بالمفهومِ لم يكن له وجهٌ فيما نحن بصدده، فإن الشيءَ الواردَ من الجنة إلى الدنيا سواءٌ كانت في محلٍّ مرتفعٍ على الدنيا أو مساوٍ لها في السمتِ يكون ظهُورُهُ على وجه الأرضِ وانكشافُهُ للعَيَانِ أولى مما هو من نفس الأرض، فإنه لا يكون منبعُه إلا من مكان منخفضٍ منها، ولا شك في ذلك، فإن جميعَ أنهار الدنيا منبعُها من بطن الأرض. وقد أرشد إلى ذلك قوله تعالى: {فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ} (?) وبعد هذا كلَّه فالكلامُ المعترضُ عليه هو من كلام المحكي عنه المتعقَّبِ بالدفع.

قال ـ كثر الله فوائده ـ: فلا يخلو هذا من منافاة لحاصلِ الوجهينِ المتقدمينِ.

أقول: حاصل ما ذكرتُه في الجواب المحرَّر في تلك الوجوهِ الأربعةِ هو أنه لا تقبلُ نسبةُ الغلطِ للناقلِ الثقةِ بمجرَّد الدعوى، بل يطلب من الناقل تصحيحُ النقل على الصفةِ التي ذكرتُها في الجواب من قبول ما برهن عليه الناقلُ بالنقل، والتوقُّفِ فيما لم يبرهنْ عليه إلا أن يوجدَ المصحِّحُ لنسبةِ الغلطِ بمثل ما ذكرتُه هنالك، ثم ذكرتُ استثناءَ حروف مما نقله صاحبُ الصحاحِ قد تكلَّم عليها أهلُ العلم فنقلَ ذلك عنهم صاحبُ القاموس مجرَّدًا عن البرهانِ، اكتفاءً بما وقع من البرهان فيما نقل عنه من كتب اللغةِ.

وهذا حاصلُ الثلاثة الوجوهِ الأولى، ثم ذكرتُ في الوجهِ الرابعِ محلَّ الإشكال ومنشأَ السؤالِ، وهو ما تعقَّبه صاحب القاموس على صاحب الصحاحِ من دون وجود ما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015