وقال الأصمعيُّ (?) يقال جُعْشوشٌ بالشين المُعجمة وجُعْسوس بالسين المهملة، ويقال هم من جعاسيس الناسِ بالمهملة، ولا يقال بالشين المعجمة قال ابن جنيّ (?) فضِيقُ الشيِّن معَ سَعَة السين يُؤذِنُ بأن الشينَ بدلٌ (?) وكأنه اشتُقَّ من الجَعْس، وذلك أنه شبّه الساقطَ الهيِّن من الرجال بالخَرء لذِلّه ونَتْنِه.

ومن ذلك قولُهم فُسطاطٌ وفُستاط وفُسَّاط بضم الفاء وكسرها في الجميع فذلك ستُّ لغاتٍ، فإذا صاروا إلى الجمع قالوا فَساطيط وفَساسيط، ولم يقولوا فساتيط بالتاء فهذي بدل على أنَّ التاء بدلٌ من الطاء أو السين ونحوُ هذا كثير.

وقال ابنُ جنّي في الخصائص (?) أيضًا إن كلَّ لفظين وُجد فيهما تقديمٌ وتأخيرٌ فأمكن أن يكونا جميعًا أصلين ليس أحدُهما مقلوبًا عن صاحبه فهو القياسُ الذي لا يجوز غيرُه، وإن لم يكن ذلك حكمْتَ أن أحدَهما مقلوبٌ عن صاحبه ثم نظرتَ أيُّهما الأصلُ وأيُّهما الفرعُ فممّا هما أصلانِ لا قلبَ فيهما قولُهم جَذَب وجَبَذَ ليس أحدُهما مقلوبًا عن صاحبه وذلك أنهما جميعًا يتصرفان تصرُّفًا واحدًا يقول جَذَبَ جذْبًا فهو جاذِبٌ و [المفعول] (?) مجذوبٌ وجبَذ يجبِذ جبْذًا فهو جابِذٌ و [المفعول] (?) مجبوذ.

فإن جعلْتَ مع هذا أحدَهما أصلاً لصاحبه فسَدَ ... ذلك لأنك لو فعلْتَه لم يكن أحدُهما أسعدَ بهذه الحالِ من الآخر، فإنْ قصُرَ أحدُهما عن تصرُّف صاحبِه ولم يساوِه فيه كان أوسعُهما تصرُّفًا أصلاً لصاحبه، ونحوُ هذه الألفاظِ كثيرٌ والمعيارُ أن تنظُرَ هل يجمعُهما

اشتقاقٌ من أصلٍ أمْ لا فإن جَمَعَهما كان ما فيه حروف الأصلِ أصلاً للآخر الذي فيه تبديلُ بعضِ الحروفِ بحرف آخَرَ [6ب] كما في بَخَر ومخَر من البُخار فهذه فائدةً من فوائد الاشتقاقِ. وإذا لم يكونا مشتقَّين من أصل كان الأوسعُ تصرفًا واستعمالاً منهما أصلاً للأضيق.

[تداخل الأصول الثلاثية] (?) وقال في الخصائص (?): اعلم أنَّ الثلاثيَّ على ضربين أحدُهما ما يصفو ذوقُه ويسقُط عنه التشكّكُ في حروف أصلِه، كضرب وقتل وما تصرف منهما فهذا ما لا يُرتاب به في جميع تصرُّفِه نحو ضارب ويضرِب ومضروب، وقاتل وقِتال واقتتل القومُ ونحوُ ذلك فما كان هكذا مجردًا واضحَ الحالِ من الأصول فإنه يحمي نفسَه وينفي الظنَّ عنه.

والآخر أن تَجدَ الثلاثيَّ على أصلين متقاربين والمعنى واحدٌ فهاهنا يتداخلان ويُوهِم كلُّ واحدٍ منهما كثيرًا من الناس أنه مِن أصل صاحبِه وهو علي الحقيقة من أصل غيره، وذلك كقولهم رِخْوٌ ورخْوَدّ فهما كما ترى شديدَا التداخلِ لفظًا، وكذلك هما بمعنى واحد وإنما تركيبُ رِخْو وتركيبُ رِخْوَدّ من ر خ د، وواو رِخْوا زائدةٌ فالفاءُ والعينُ من رِخْو ورِخْوَدّ متفقتان لكن لاماهما مختلفان والرِّخْو الضعيف والرِّخْوَدُّ المتثنّي، والتثنّي عائدٌ إلى معنى الضعف فلما كانا كذلك أوقعا الشكَّ (?) ومن ذلك قولهم رجلٌ ضيّاطٌ وضَيْطار فقد ترى تشابُهَ الحروفِ والمعنى مع ذلك واحدٌ فهو أشدُّ لالتباسه (?).

وإنما ضيّاط من تركيب ض يَ ط وضيطار [من تركيب] (?) ض ط ر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015