بسم الله الرحمن الرحيم
أحمدك لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك، وأصلي وأسلم على رسولك، وآله أفضل صلاة وأكمل سلام.
وبعد:
فإنه كثيراً ما يجري على ألسن الناس ويتساءلون عنه قولهم: هل الأدب خير من الامتثال، أو الامتثال خير من الأدب؟ فأردت كشف الكلام عن هذا المرام بمعونة ذي الجلال والإكرام.
فأقول: هذا الأدب المذكور في هذا السؤال لا بد أن يحمل على ما لم يدل عليه دليل، لأنه لو دل عليه دليل بخصوصية أو عموم يندرج تحته لم يصح السؤال من أصله، لأن الأدب الذي دل الدليل عموماً أو خصوصاً مطلوب بدليله، ففعله من الامتثال فلا يصح أن يقابل به الامتثال في هذه العبارة، فتقرر لك بهذا أن الأدب المسئول عنه هو الذي لم يدل عليه دليل، ولكن فعله فيه تأدب من الفاعل تستحسنه العقول، وتقبله الطباع. وإذا كان الأمر هكذا فالسؤال طائح من أصله، مندفع بجملته، لأن امتثال أمر الشارع هو الشرع الذي أمرنا الله - سبحانه - باتباعه، ونهانا عن مخالفته كما قال - سبحانه -: {وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (?)، {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} (?)، {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} (?) {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا} (?)، {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (?)