بما ليس بواجب، كما في قوله تعالى: {خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ} (?) فقرن ما بين الإيمان الذي هو أعظم الواجبات، وبين الحض على طعام المسكين الذي ليس بواجب، مع ما في أول هذه الآية من الوعيد الشديد، وعلى تسليم الدلالة على المطلوب في أنه الجهاد فليس في ذلك أنه يجب على المجاهد بنفسه أن يخرج قطعة من ماله ليتجهز بها غيره، بل غاية ما يجب عليه تجهيز نفسه بما يحتاج إليه. وأما تجهيز غيره بعد تجهيزه لنفسه فليس ذلك بواجب شرعًا، بل مندوب فقط.

ثم لو سلمنا أنه يجب على من كثر ماله، وتمكن من زيادة على تجهيزه لنفسه وما يحتاج إليه من يعوله لكان أمر ذلك يدفعه إلى من يشاء من المجاهدين، وليس عليه أن يدفعه إلى السلطان. ولو كان ذلك من الواجبات الشرعية لأوجبه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - على أهل الأموال. ولم يثبت من وجه صحيح أنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - أوجب على أحد من الصحابة [1 أ] أن يجهز غازيًا، أو أكثر أو أقل، بل غاية ما وقع منه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - هو الترغيب (?)، وأن ذلك من أعظم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015