بسم الله الرحمن الرحيم
إياك نعبد وإياك نستعين. أحمدك لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك، وأصلي وأسلم على رسولك وآله وصحبه.
وبعد ..
فإنه قد استدل القائلون بجواز الاستعانة من خالص أموال الرعية بأدلة منها: قوله سبحانه: {هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (?) وقد أجيب عن هذا الاستدلال بهذه الآية بالمنع من دلالتها على الوجوب؛ لقوله في أولها: {هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيم} فإن ذلك لا يستفاد منه إلا مجرد الندب، وكذلك أن قوله في آخر الآية: {ذلك خير لكم} يدل أبلغ دلالة على عدم الوجوب، وأجيب عن الأول بأنه - سبحانه - قرن ذلك بالإيمان وبالجهاد بالنفس، وهما واجبان إجماعًا، فيجب الجهاد بالمال كوجوبهما، ورد هذا الجواب بأن دلالة الاقتران (?) ليست بحجة كما تقرر في الأصول؛ لكثرة اقتران الواجب