وهي أن من تيقَّن الطهارةَ وشكَّ في الحديثِ حكمَ ببقائِهِ على الطهارةِ ولا فرق بين حصول الشكِّ في نفس الصلاةِ، وحصولِه خارجَ الصلاة.
وهذا مذهبنا ومذهبُ جماهيرِ [1ب] العلماء من السلفِ والخلفِ. ثم قال: ومن مسائلِ القاعدةِ المذكورةِ أن من شكَّ في طلاق زوجته، أو في عِتْقِ عبدِه أو نجاسةِ الماء الطاهر أو طهاة الماء النجسِ، أو نجاسةِ الثوبِ أو الطعام أو غيرِه، أو أنه صلى ثلاثَ ركعاتٍ أم أربعًا، أم أنه ركعَ وسجد أم لا، أو أنَّه نوى الصومَ، أو الصلاةَ، أو الوضوءَ أو الاعتكافَ، وهو في أثناء هذه العبادات ومن أشبهَ هذهِ الأمثلةَ! فكل هذه الشكوكُ لا تأثير لها، والأصل عدمُ الحادثِ. انتهى.
ومن الأدلة الدالة على ذلك الأصلِ العظيم ما أخرجه الدارقطنيُّ (?) وغيره من حديث ابن عمرَ قال: خرج رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في بعض أسفاره فسارَ ليلًا، فمرُّوا على رجل جالس عند مِقراةٍ له وهي الحوض الذي يجتمع فيه الماء. فقال عمر: أولغتِ السباعُ عليكَ الليلةَ في مِقْراتِك؟ فقال له النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يا صاحب المقراةِ لا تخبره، هذا متكلِّفٌن لها ما حملتْ في بطونِها ولنا ما بقيَ شرابٌ طهورٌ" ففي هذا الحديث إرشاد إلى الوقوفِ على حكم الأصلِ، وهو الطهارة وعدمُ البحث والسؤال عن أسباب النجاسةِ المجوِّزِة، وأن ذلك من التكلُّف الذي يخالفُ الشريعةَ (?).