وروي أن الفرزدق مر على كثير وهو ينشد هذه القصيدة بمربد البصرة، فسمعه حتى بلغ هذه الثلاثة الأبيات فقال له: أنت تقول هذا يا كثير؟ قال: نعم، قال: لم تقله! إنما قاله من هو أشد لحيين منك، هذا شعر ابن المراعة (?)، ويشبه هذا دخول راويته مسلم بن الوليد على بعض الأمراء بقصيدة أرسله بها إليه، فأراد أن ينتحلها، وأخبر الأمير أنها له، فأمره بإنشادها فقال:
لا تدع بي الشوق إني غير معمود ... نهى النهى عن هوى البيض الرعاديد (?)
وكان الأمير متكئا فاستوى جالسا وقال: إني لأجد ريح مسلم بن الوليد. ونحو هذا، وإن كان دخيلا في المقام يعده غيرهن كلامنا حشوا ففيه فائدة.
قال: كلام الجلال سند للمنع، وكل ما كان سندا للمنع لا يفيد الكلام عليه، ثم قال: وكبرى هذا الشكل مقررة في علم المناظرة (?).
أقول: لم يتقرر في علم المناظرة كلية هذه الكبرى، فإنه لم يقل أحد منهم أنه لا يقل كل كلام على السند أو ولا يفيد، بل قالوا إنه لا يحسن البحث على السند إذا كان غير متساو، وأما إذا كان متساويا فهو من مباحث علم المناظرة، وقد جعلوا [1ب] مباحث هذا الفن في مطولات كتبهم تسعة أبواب، وجعلوا بحث الكلام على السند الخامس منها فليراجعه تلميذنا - كثر الله فوائده - حتى يتقرر لديه ما يقبل من الكلام عليه وما لا يقبل، بل هذا البحث موجود في المختصرات، فإنه قال العضد في آداب البحث (?): ولا يدفع