لا مجرد عدم حجيته، فإن الاقتصار على نفي الحجية إنما يكون بعد إثبات أصل ما زعمه الخصم دليلا، ثم بعد هذا كله نسأل تلميذنا - كثر الله فوائده - بم يفسر قولي هكذا في نفسي من كون هذا البحث من كلام تلميذنا شيء؟ هل بمجرد الشك؟ أم بزيادة عليه؟ فقد يكون الواقع في النفس تجد شيئا منتهيا إلى ما هو قريب العلم، كما روي أن كثير [1أ] كان يهاجي المرئي (?)، فبعث إليه بقصيدة قد أعانه جرير بثلاث أبيات فيها هي:
يعد الناسبون إلى تميم ... بيوت المجد أربعة كبارا
يعدون الرباب وآل سعد ... وعمرا ثم حنظلة الخيارا
ويذهب بينها المرئي لغوا ... كما ألغيت في الدية الخوارا
فلما وصل رواية كثير عند إنشاده القصيدة إلى هذه الثلاثة الأبيات قام المرئي (?) يصرخ ويلطم وجهه، ويقول: ما لي ولجرير! فقالوا له: سمنت عينك، وأين منك جرير؟ هذا شعر كثير، وهذه روايته؟ فقال: هيهات، والله لا يقول كثير هذا.