وأعظم ابتداعا، وأكثر إثما على من بلغه ذلك إن رآه أن ينزل بهم صودا من العنوفة، وطرقا من التأديب الشرعي. وأما سأل عنه السائل - أرشده الله - عن قيام جماعة من الناس يصلون العصر جماعة بعد الفراغ من صلاة الجمعة في المسجد الذي أقيمت فيه الجمعة، فهذا فعل للصلاة قبل دخول وقتها. والمقرر على العامة بدعائهم إلى القيام إلى الصلاة في ذلك الوقت يستحق العقوبة البالغة، وهذا الأمر منكر مجمع عليه بين جميع المسلمين، وحرام لا يخالف فيه أحد من هذه الأوجه، فإنه إنما سوغ الجمع تقديما للمسافر (?) على ما فيه من ضعف أدلته واحتمالها. والحق تحقيق الصواب الذي صح في
صيغ المسافر بموضع التأخير لا جمع التقديم. وأما المقيم فلم يقل بذلك أحد، ولا أجازه مجيز إلا إذا كان له عذر من مرض أو نحوه، على ما في ذلك من التفاصيل التي لا يتسع المقام لبسطها وأما قيام جماعة على هذه الصفة في جامع من جوامع المسلمين بعد الفراغ من الصلاة الأولى، سواء كانت صفة أو غيرها لغير معذور بين بالأعذار الشرعية فلم يقبل به أحد. وقد جمعنا في هذا رسالة مطولة في أيام قديمة دفعنا بها قول من قال بجواز الجمع مستدلا على ذلك بجمعه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - من غير مرض، ولا سفر (?). وأوضحنا رواة الحديث فسروه بالحمع الصوري (?) لا بهذا الجمع الذي فهمه من لم يرسخ قدمه في علم.