وأمَّا المسائل الإجماعية فقد رفع الإجماع كل اجتهاد يخالفه ولا يقع في مخالفته الإجماع الصحيح الثابت أحدٌ من مجتهدي هذه الأمة، كما ذلك معلوم لكل عارف، فأخبرونا هل صدور هذا الإنكار منكم على المجتهد في مسائل الخلاف موافق لما في الأزهار؟ فأخبرونا ما هو الذي حملكم على القيام مقام من يأمر بالمنكر، وينكر المعروف، مع اعتقاده أن قيامه ذلك خلاف الحق الذي يعتمده، ومباين للصواب الذي لا صواب عنده سواه؟ ولا شك ولا ريب أنّ من قام مقام الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر وهو يعلم بطلان قوله وفساد ما فعله فهو من أعظم الفاعلين للمنكر، لأنه مبطل [3!]، مع أن ذلك من الغيبة المحرَّمة، والبهت الشديد.
فإن قالوا: إنهم أنكروا اجتهاد ذلك المجتهد لا باعتبار المذهب، بل باعتبار أمر آخر قلنا لهم: كيف تركتم المذهب! وليس بأيديكم سواه، ولا تعرفون غيره، فإن كانت هذه المخالفة ساغئة لكم فكيف أنكرتم على ذلك المجتهد مخالفته للمذهب باجتهاده، وسوغتم بأنفسكم مخالفة المذهب مع كونكم مقلدين ملتزمين لما في ذلك المختصر! فهل يصنع مثل صنيعكم هذا عاقل فضلاً عن عالم؟ فإنكم أنكرتم ما هو جائز، بل واجب بنص الأزهار حسب ما قدمنا من قوله: التقليد جائز لغير المجتهد (?) لا له. ولو وقف على نصِّ أعلم منه، ومن قوله: وكل مجتهد مصيب، وسوغتم ما هو حرام عندكم، وهو انتقال المقلد من مذهبه مع كونه مقلدًا (?)، وأنتم تعلمون أن في الأزهار وبعد الالتزام يحرم الانتقال إلا إلى ترجيح نفسه (?)، وأنتم تعرفون أنكم مقلدون لا ترجيح لكم،