جنسهم من العامة والمقلدة لنهم قاموا بنصرة الدين بزعمهم وذبوا عن الأئمة المتبوعين وعن مذاهبهم التي قد اعتقدها أتباعهم فيكون لهم بقذه الأفعال التي هي عين الجهل والضلالة من الجاه والرفعة عند أبناء جنسهم ما لم يكن في حساب.
وأما ذلك العالم الممحق المتكلم بالصواب فبالحري أن ينجو من شرهم ويسلم من ضرهم، وأما عرضه فيصير عرضه للشتم والتبديع والتجهيل والتضليل فمن ذذا تراه ينصب نفسه للإنكار على هذه البدعة ويقوم في الناس بتبطيل هذه الشعنة مع كون الدنيا مؤثرة وحب الشرف والمال يميل بالقلوب على كل حال.
فانظر أيها المنصف بعين الإنصاف هل يعد سكوت علماء الاجتهاد عن إنكار بدعة التقليد مع هذه الأمور موافقة لهلاه على جوازها؟ كلا والله فإنه سكوت تقتتية لا سكوت موافقة مرضية ولكنهم مع سكوتهم عن التظاهر بذلك لا يتركون بيان ما أخذ الله عليهم بيانه (?)، فتارة يصرحون بذلك في مؤلفاتهم وتارة يلوحون به، وكثير منهم يكتم ما يصرح به من تحريم التقليد إلى بعد موته كما روى الأدفوي عن شيخه الإمام ابن دقيق العيد أنه طلب منه ورقا وكتبها ي مرض موته، وجعلها تحت فراشه فلما مات أخرجوها فإذا هي في تحريم التقليد مطلقا. ومنهم من يوضح ذلك لمن يثق به من أهل العلم ولا يزالون متوازثين بينهم طبقة بعد طبقة [22] يوصحه السلف للخلف وويبينه الكامل للمقصر، وإن انحجب ذلك عن أهل التقليد فهو غير منحجب عن غيرهم وقد رأينا في زماننا مشايخنا المشتغلين بعلوم الاجتهاد فلم نجد عند واحد منهم أن التقليد صواب، ومنهم من صرح بإنكار كثير من المسائل التي يعتقدها المقلدون فوقع بينه وبين أهل عصره قلاقل وزلازل ونالهم من الامتحان ما فيه توفير أجورهم وهكذا حال أهل سائر الديار في جميع الأعصار.