[تاريخ التقليد]
وقد عرفت بهذا الإسم أن التنفيذ لم إلا بعد انقراض خير القرون تم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم , وأن حدوث التمذهب بمذاهب الأئمة الأربعةإنما كان بعد انقراض الأئمة الأربعة وإنهم كانوا على نمط من تقدمهم من السلف فى هجر التقليد وعدم الإعتداد به < > وان هذه المذاهب إنما أحذثها عوام المقلدة لأنفسهم من دون أن يأذن بها إمام من الأئمة المجتهدين , وقد تواترت الرواية عن الإمام مالك أنه قال له الرشيد (?) أنه يريد أن يحمل الناس على مذهبه , فنهاه عن ذلك وهذا موجود فى كل كتاب فيه ترجمة ال'مام مالك ولا يخلو ذلك إلا النادر.
وإذا تقرر أن المحدث لهذه المذاهب والمبتدع لهذه التقليدات هم جهلة المقلدة فقط، فقد عرفت مما تقرر في الأصول أنه لا اعتداد بهم في الإجماع وأن المعتبر في الإجماع إنما هم المجتهدون، وحينئذ لم يقل بهذه التقليدات عالم من العلماء المجتهدين أما قبل حدوثها فظاهر، وأما بعد حدوثها فما سمعنا عن مجتهدات أنه يسوغ صنيع هؤلاء المقلدة الذين فرقوا دين الله وخالفوا بين المسلمين بل أكابر العلماء بين منكر لها وساكت عنها سكوت تقية لمخافة ضرر أو لمخافة فوات نفع كما يكون مثل ذلك كثيراً لا سيما من علماء السوء.
وكل عاقل يعلم أنه لو صرخ عالم من علماء الإسلام المجتهدين في مدينة من مدائن الإسلام في أي محل كان بأن التقليد بدعة محدثة لا يجوز الاستمرار عليه ولا الاعتداد به لقام عليه أكثر أهلها إن لم يقم عليه كلهم وأنزلوا به من الإهانة والإضرار بماله وبدنه وعرضه مالا يليق بمن هو دونه، هذا إذا سلم من القتل على يد أول جاهل من هؤلاء المقلدة ومن يعضدهم من جهلة الملوك والأجناد فإن طبائع الجاهلين بعلم الشريعة متقاربة وهم لكلام من يجانسهم في الجههل أقبل من علام من يخالفهم في ذلك من أهل العلم.