وقوله: "ادرءوا الحدود بالشبهات" (?) فإذا كانت الحدود بعد ثبوتها ثبوتا لا يرتاب فيه تدرأ بالشبهات، فكيف يجوز الحكم بها بمجرد الشبهة الواهية!.
وقد أجاب بعض المتأخرين، وهو السيد العلامة أحمد بن محمد بن إسحاق بن المهدي عن ذلك بأن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - نزل سكوت الرجل الذي ادعت المرأة وقوعه عليها منزلة الإقرار، ويجاب عنه بأن الرجل مصرح في مقام الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - بالإنكار، ومدع للإغاثة، كما وقع في حديث النسائي الذي تقدم ذكره.
وأما إشكال إسقاطه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - للحد عن الرجل الذي اعترف بالزنا، وجواب ابن القيم عنه بما سلف.
فنقول: إذا كانت رواية النسائي كما ساقها في كلامه من أنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - أبى أن يقيم على الرجل الحد، فلا شك أنه مشكل وإن لم يقع منه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - بعد قول عمر إلا قوله: "لقد تاب توبة" .. إلخ، فليس فيه دلالة على أنه أسقط الحد، ولا يلزم من هذه العبارة عدم إقامة الحد، فإنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - قد قال مثلها لماعز (?)، وفي .................................