(الأحكام) الحديث الأول والثاني من أحاديث الباب يدلان على مشروعية ترك الأمام الصلاة على الغال وعلى قاتل نفسه زجرا للناس عن ارتكاب مثل هذه الجرائم الفظيعة (أما الغلول) فقد أجمع العلماء على تحريمه , وقد ورد فيه من الوعيد أحاديث كثيرة ستاتى فى بابه من كتاب الجهاد ان شاء الله تعالى (وأما من قتل نفسه) فقد ارتكب كبيرة من أعظم الكبائلا باجماع المسلمين , وسيأتى ما ورد فيه فى كتاب القتل والجنايات وأحكام الدماء , لهذا لم يصل النبى صلى الله عليه وسلم على من فعل ذلك وأمر أصحابه بالصلاة عليه (ويستفاد من حديث أبى قتادة) رضى الله عنه أن من ذمه الناس عند الأمام وشهدوا أمامه بسوء فعله كانت شهادتهم كافية فى عدم صلاته عليه , والظاهر أن ذلك كان فى حق المنافقين , لأنه صلى الله عليه وسلم كان يعلم أن فى المدينة منافقين مندسين فى الصحابة , والله تعالى أمره بعدم الصلاة عليهم فقال عز من قائل (ولا تصل على أحد منهم مات أبدا - الأية) لهذا كان النبى صلى الله عليه وسلم إذا دعى لجنازة سأل عنها (فان أتى عليها خير قام فصلى عليها , وإن أتى عليها غير ذلك قال لأهلها شأنكم بها ولم يصل عليها) وحمله النووى على المنافقين أيضا (وقال الحافظ) برشد إلى ذلك ما رواه أحمد من حديث أبى قتادة باسناد صحيح أنه صلى الله عليه وسلم لم يصلى على الذى اثنوا عليه شرا اهـ (قلت) ولأنه لم يثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه ترك الصلاة على مسلم غير الغال والقاتل نفسه , فقد حكى صاحب المنتقى عن الأمام أحمد رحمه الله أنه قال ما نعلم أن النبى صلى الله عليه وسلم ترك الصلاة على أحد الا على الغال وقاتل نفسه اهـ نعم ثبت أنه صلى الله عليه وسلم ترك الصلاة على من عليه دين لم يترك له وفاء , ولكن ذلك كان فى أول الاسلام حيث لا مال فلما كثرت الأموال بسبب الغنائم صار صلى الله عليه وسلم يصلى على من مات وعليه دين لم يترك له وفاء ويوفى عنه من عنده كما ثبت فى حديث أنس وغيره عند الأمام أحمد وغيره قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من ترك ما لا فلأهله , ومن ترك دينا فعلى الله عز وجل وعلى رسوله) (وفى الباب غير ذلك) سيأتى مع الكلام عليه فى باب عدم صلاة الفاضل على من مات وعليه دين الخ من كتاب القرض والدين ان شاء الله تعالى (وقد اختلف العلماء) فى أحكام أحاديث الباب , فحكى ابن قدامة فى المغنى عن الأمام أحمد رحمه الله أنه قال: لا يصلى الأمام على الغال ولا على من تقل نفسه متعمدا , ويصلى عليه سائلا الناس , نص عليهما أحمد (قال) وقال أحمد لا أشهد الجهمية ولا الرافضة ويشهدهم من شاء , وقد ترك النبى صلى الله عليه وسلم الصلاة على أقل من هذا , الدين والغاول وقاتل نفسه , وقال لا يصلى على الرافضى (قال) وقال أحمد أهل البدع لا يعادون إن مرضوا ولا نشهد جنائزهم أن ماتوا , وهذا قول مالك (قال ابن قدامة) ولنا أن النبى صلى الله عليه وسلم ترك الصلاة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015