تقديم من كان أكثر قرآنا من صاحبه، وفيه منقبة عظيمة لحفاظ القرآن - فأحمد الله الذي من على بحفظه وإتقانه كما انزل، ورحم الله والدي وجزاهما على أحسن الجزاء لأنهما السبب في ذلك، والمراد بتقديمه يعمي في القبر لجهة القبلة كما تقدم (تخريجه) (د وغيره) ورجاله رجال الصحيح (الأحكام) أحاديث الباب تدل على جواز دفن الشهيد بثيابه التي قتل فيها ونزع ما عليه من آلة الحرب فقط كالحديد والجلود ونحو ذلك، قال الإمام أحمد رحمه الله "لا يترك عليه فرو ولا خف ولا جلد" وبهذا قال (الشافعي وأبو حنيفة) وقال مالك لا ينزع عنه فرو ولا خف ولا محشو لقول النبي صلى الله عليه وسلم وادفنوهم بثيابهم (قلت) الخلاف في الفرو والخف ونحوهما، أما الجلود والحديد فنفق على نزعها ونقدم كلام النووي في ذلك في آخر الأحكام من باب ترك غسل الشهيد فارجم إليه، والظاهر أن الأمر فيه للوجوب، والحكمة في دفنهم بدمائهم إعلام النسا بأن الله طهرهم من الذنوب فلا يؤثر عليهم نجاسة الدم، بل إبقاؤه في ثيابهم وأجسامهم مفخرة لهم عند البعث لما تقدم في باب ترك غسل الشهيد في حديث عبد الله بن ثعلبة أيضا وجابر وغيرهما من قوله صلى الله عليه وسلم ما من مجروح جرح في الله عز وجل إلا بعثه يوم القيامة وجرحه بدمي، اللون لون الدم والريح ريح المسك - الحديث" (وفي أحاديث الباب أيضا) جواز دفن الرجلين والثلاثة في قبر واحد للضرورة وتقدمي من كان أكثر حفظا للقرآن، وترجم له البخاري فقال (باب دفن الرجلين والثلاثة في قبر) (قال الحافظ) أورد فيه حديث جابر المذكور مختصرا بلفظ "كان يجمع بين الرجلين من قتلي أحد" (قال ابن رشيد) جرى المصنف على مادته إما بالإشارة إلي ما ليس على شرطه وإما بالاكتفاء بالقياس، وقد وقع في رواية عبد الرزاق بلفظ "وكان يدفن الرجلين والثلاثة في القبر الواحد" اهـ (قال الحافظ) ورود ذكر الثلاثة في هذه القصة عن أنس أيضا عند الترمذي وغيره، وروي أصحاب السنن عن هشام بن عامر الأنصاري قال جاءت الأنصار إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد، فقالوا أصابنا قرح وحمد، قال احفروا وأوسعوا واجعلوا الرجلين والثلاثة في القبر صححه الترمذي والظاهر أن المصنف (يعني البخاري) أشار إلي هذا الحديث، وأما القياس ففيه نظر لأنه لو أراده لم يقتصر على الثلاثة بل كان يقول مثلا دفن الرجلين فأكثر، ويؤخذ من هذا جواز دفن المرأتين في قبر، وإسناد حسن عن واثلة بن الأسقع أنه كان يدفن الرجل والمرأة في القبر الواحد، فيقدم الرجل ويجعل المرأة وراءه، وكأنه كان يجعل بينهما حائلا من تراب ولاسيما أن كانا أجنبيين والله اعلم (فائدة) قال الإمام الشافعي وأصحابه وصاحب المهذب رحمهم الله يتسحب أن يجمع الأقارب في موضع من المقبرة لما رواه أبو داود والبيهقي عن المطلب بن عبد الله بن حنطب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015