كالعبد الجاني والمرهون والمال الذي تعلقت به زكاة أو حق بائعه بالرجوع بإفلاس ونحو ذلك، قال ويستدل بهذا الحديث "يعنى حديث خباب" على أن الواجب في الكفن ستر العورة فقط، ولا يجب استيعاب البدن عند التمكن، فأن قيل لم يكونوا متمكنين من جميع البدن لقوله لم يوجد له غيرها، فجوابه أن معناه لم يوجد مما يملك الميت إلا نمرة، ولو كان ستر جميع البدن واجبا لوجب على المسلمين الحاضرين تتميمه أن لم يكن له قريب تلزمه نفقته، فأن كان - وجب عليه (فان قيل) كانوا عاجزين عن ذلك، لأن القضية جرت يوم أحد وقد كثرت القتلى من المسلمين واشتغلوا بهم وبالخوف من العدو وغير ذلك (فجوابه) أنه يبعد من حال الحاضرين المتولين دفنه أن لا يكون مع واحد منهم قطعة من ثوب ونحوها والله أعلم أم (قلت) وما قاله النووي رحمه الله هو الأصح من مذهب الشافعي وهو ظاهر نص الشافعي في الم، وصححه صاحب المهذب والمحاملي في المجموع، وقطع به كثير من العراقيين أو أكثرهم (وقطع جمهور الخراسانيين) بأنه يجب ستر جميع البدن، فمن قطع به منهم إمام الحرمين والغزالي والبغوي والسرخسي وغيرهم، وصححه منهم القاضي حسين وغيره، ووافق الخراسانيين في ذلك الأئمة الثلاثة (أبو حنيفة ومالك وأحمد) فقالوا أقل الكفن ما يستر جميع بدن الميت سواء أكان ذكرا أم أنثى وما دون ذلك لا يسقط به فرض الكفاية عن المسلمين، قالوا ويجب تكفين الميت من ماله الخاص الذي لم يتعلق به حق الغير كالمرهون، فأن لم يكن له مال خاص فكفنه على من تلزمه نفقته في حال حياته إلا الزوجة (وذهب المالكية والحنابلة) إلي أنه لا يلزم الزوج تكفينها ولو كانت فقيرة، فأن لم يكن لمن فعلى جماعة المسلمين القادرين، ومثل الكفن في ذلك مؤن التجهيز كالحمل إلي المقبرة والدفن ونحو ذلك (وفي أحاديث الباب أيضا) دليل على جواز تكفين الرجلين والثلاثة في كفت واحد عند الضرورة، وتقدم بيان ذلك في الشرح (وفيها أيضا) دليل على أنه إذا ضاق الكفن عن ستر جميع البدن ولم يوجد غيره جعل مما يلي الرأس وجعل النقض مما يلي الرجلين (قال النووي) فأن ضاق عن ذلك سترت العورة، فأن فضل شيء جعل فوقها، وأن ضاق عن العورة سترت السوءتان لأنهما أهم، وهما الوصل في العورة أم (قالت) وفي تلك الحالة يستر الباقي من البدن بأذخر أو نحوه من نبات الأرض (وفيها أيضا) استجاب المواساة بالكفن إذا مات اثنان مثلا وكان لأحدهما ثوبان ولم يكن للآخر شيء فيستحب أن يكفن كل واحد منهما في ثوب واحد كما فعل بحمزة مع صاحبه (وفيها) ما كان عليه صدر هذه الأمة من إيثار الآخرة على الدنيا والتضحية بالنفس في سبيل الله (وفيها) أن الصبر على مكابدة الفقر وصعوبته من منازل الأبرار ودرجات الأخيار وفيها غير ذلك والله أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015