اشْتَرَيَا مَتَاعًا بِكُرِّ حِنْطَةٍ وَكُرِّ شَعِيرٍ فَكَالَ أَحَدُهُمَا الْحِنْطَةَ وَالْآخَرُ الشَّعِيرَ ثُمَّ بَاعَا ذَلِكَ بِدَرَاهِمَ يَقْسِمَانِ الثَّمَنَ عَلَى قِيمَةِ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ يَوْمَ يَقْسِمَانِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَفِي شَرْطِ الرِّبْحِ تُعْتَبَرُ فِيهِ قِيمَةُ رَأْسِ مَالِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَقْتَ عَقْدِ الشَّرِكَةِ، وَفِي وُقُوعِ الْمِلْكِ لِلْمُشْتَرِي تُعْتَبَرُ فِيهِ قِيمَةُ رَأْسِ مَالِهِمَا وَقْتَ الشِّرَاءِ، وَفِي ظُهُورِ الرِّبْحِ فِي نَصِيبِهِمَا أَوْ فِي نَصِيبِ أَحَدِهِمَا تُعْتَبَرُ وَقْتُ الْقِسْمَةِ؛ لِأَنَّهُ مَا لَمْ يَظْهَرْ رَأْسُ الْمَالِ لَا يَظْهَرُ الرِّبْحُ فِي الْقُنْيَةِ.
وَالْحِيلَةُ فِي جَوَازِ الشَّرِكَةِ فِي الْعُرُوضِ وَكُلِّ مَا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ أَنْ يَبِيعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَ مَالِهِ بِنِصْفِ مَالِ صَاحِبه حَتَّى يَصِيرَ مَالُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَيْنِ وَتَحْصُلُ شَرِكَةُ مِلْكٍ بَيْنَهُمَا ثُمَّ يَعْقِدَانِ بَعْدَ ذَلِكَ عَقْدَ الشَّرِكَةِ فَيَجُوزُ بِلَا خِلَافٍ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَلَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا تَفَاوُتٌ بِأَنْ تَكُونَ قِيمَةُ عَرَضِ أَحَدِهِمَا مِائَةً وَقِيمَةُ عَرَضِ صَاحِبِهِ أَرْبَعَمِائَةٍ يَبِيعُ صَاحِبُ الْأَقَلِّ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِ عَرَضِهِ بِخُمُسِ عَرَضِ الْآخَرِ فَصَارَ الْمَتَاعُ كُلُّهُ أَخْمَاسًا، كَذَا فِي الْكَافِي، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ لِأَحَدِهِمَا دَرَاهِمُ وَلِلْآخَرِ عُرُوضٌ يَنْبَغِي أَنْ يَبِيعَ صَاحِبُ الْعُرُوضِ نِصْفَ عُرُوضِهِ بِنِصْفِ دَرَاهِمِ صَاحِبِهِ وَيَتَقَابَضَانِ ثُمَّ يَشْتَرِكَانِ إنْ شَاءَا مُفَاوَضَةً، وَإِنْ شَاءَا عِنَانًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَفِي الْمُنْتَقَى هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَبْدٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ اشْتَرَكَا فِيهِ شَرِكَةَ عِنَانٍ أَوْ مُفَاوَضَةٍ جَازَ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ
وَفِي الْمُنْتَقَى رَجُلَانِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا طَعَامٌ فَاشْتَرَكَا عَلَيْهِمَا وَخَلَطَاهُمَا، وَأَحَدُهُمَا أَجْوَدُ مِنْ الْآخَرِ فَالشَّرِكَةُ جَائِزَةٌ وَالثَّمَنُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ؛ لِأَنَّ هَذَا يُشْبِهُ الْبَيْعَ حِينَ خَلَطَاهُ عَلَى أَنَّهُ بَيْنَهُمَا، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرِ: نَصَّ فِي هَذَا الْكِتَابِ أَنَّهُ يُقَسَّمُ الثَّمَنُ بَيْنَهُمَا عَلَى قِيمَةِ الْجَيِّدِ وَقِيمَةِ الرَّدِيءِ يَوْمَ بَاعَا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَالثَّانِي بِالْقَوَاعِدِ أَلْيَقُ، كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
أَمَّا تَفْسِيرُهَا فَهِيَ أَنْ يَشْتَرِكَ الرَّجُلَانِ فَيَتَسَاوَيَانِ فِي مَالِهِمَا وَتَصَرُّفِهِمَا وَدَيْنِهِمَا وَيَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَفِيلًا عَنْ الْآخَرِ فِي كُلِّ مَا يَلْزَمُهُ مِنْ عَهْدِ مَا يَشْتَرِيهِ كَمَا أَنَّهُ وَكِيلٌ عَنْهُ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ فَتَجُوزُ بَيْنَ الْحُرَّيْنِ الْكَبِيرَيْنِ مُسْلِمَيْنِ أَوْ ذِمِّيَّيْنِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا كِتَابِيًّا وَالْآخَرُ مَجُوسِيًّا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَلَا تَجُوزُ بَيْنَ الْحُرِّ وَالْمَمْلُوكِ وَلَا بَيْنَ الصَّبِيِّ وَالْبَالِغِ، كَذَا فِي النَّافِعِ وَلَا بَيْنَ الْحُرِّ وَالْمُكَاتَبِ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَكَذَا لَا تَصِحُّ بَيْنَ الْمَجْنُونِ وَالْعَاقِلِ، كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْكَنْزِ وَلَا تَصِحُّ بَيْنَ الْعَبْدَيْنِ وَلَا بَيْنَ الصَّبِيَّيْنِ وَلَا بَيْنَ الْمُكَاتَبَيْنِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَإِنْ فَاوَضَ الْمُسْلِمُ الْحُرُّ مُرْتَدًّا أَوْ مُرْتَدَّةً أَوْ ذِمِّيًّا لَا تَصِحُّ الْمُفَاوَضَةُ، فَإِنْ أَسْلَمَ الْمُرْتَدُّ قَبْلَ الْحُكْمِ بِلَحَاقِهِ صَحَّتْ الْمُفَاوَضَةُ