الشَّرِكَاتِ كَوْنُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ عَقْدَ الشَّرِكَةِ قَابِلًا لِلْوَكَالَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَأَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ مَعْلُومَ الْقَدْرِ، فَإِنْ كَانَ مَجْهُولًا تَفْسُدُ الشَّرِكَةُ وَأَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ جُزْءًا شَائِعًا فِي الْجُمْلَةِ لَا مُعَيَّنًا فَإِنْ عَيَّنَا عَشَرَةً أَوْ مِائَةً أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ كَانَتْ الشَّرِكَةُ فَاسِدَةً، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَحُكْمُ شَرِكَةِ الْعَقْدِ صَيْرُورَةُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَمَا يُسْتَفَادُ بِهِ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. أَمَّا الشَّرِكَةُ بِالْمَالِ فَهِيَ أَنْ يَشْتَرِكَ اثْنَانِ فِي رَأْسِ مَالٍ فَيَقُولَا اشْتَرَكْنَا فِيهِ عَلَى أَنْ نَشْتَرِيَ وَنَبِيعَ مَعًا أَوْ شَتَّى أَوْ أَطْلَقَا عَلَى أَنَّ مَا رَزَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ رِبْحٍ فَهُوَ بَيْنَنَا عَلَى شَرْطِ كَذَا أَوْ يَقُولُ أَحَدُهُمَا ذَلِكَ وَيَقُولُ الْآخَرُ نَعَمْ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.

[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الْأَلْفَاظِ الَّتِي تَصِحُّ الشَّرِكَةُ بِهَا وَاَلَّتِي لَا تَصِحُّ]

قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إذَا اشْتَرَكَا بِغَيْرِ مَالٍ عَلَى أَنَّ مَا اشْتَرَيَا الْيَوْمَ فَهُوَ بَيْنَهُمَا وَخَصَّا صِنْفًا أَوْ عَمَلًا أَوْ لَمْ يَخُصَّا فَهُوَ جَائِزٌ، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَا " هَذَا الشَّهْرَ "، وَكَذَلِكَ إذَا لَمْ يَذْكُرَا لِلشَّرِكَةِ وَقْتًا بِأَنْ اشْتَرَكَا عَلَى أَنَّ مَا اشْتَرَيَا فَهُوَ بَيْنَهُمَا، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ وَقَّتَا، هَلْ يُتَوَقَّتُ بِالْوَقْتِ الْمَذْكُورِ، رَوَى بِشْرٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يُتَوَقَّتُ وَالطَّحَاوِيُّ ضَعَّفَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ وَصَحَّحَهَا غَيْرُهُ مِنْ الْمَشَايِخِ وَهُوَ الصَّحِيحُ.

إذَا لَمْ يَذْكُرَا لَفْظَ الشَّرِكَةِ وَلَكِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ: مَا اشْتَرَيْتُ الْيَوْمَ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ وَوَافَقَهُ الْآخَرُ، هَلْ يَكُونُ شَرِكَةً؟ لَمْ يَذْكُرْهُ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ، وَرَوَى أَبُو سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَجُوزُ وَتَثْبُتُ الشَّرِكَةُ بِهَذَا الْقَدْرِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُمَا لَوْ ذَكَرَا الشِّرَاءَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ يَجُوزُ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرَا لَفْظَ الشَّرِكَةِ بِاعْتِبَارِ ذِكْرِ حُكْمِهَا، فَكَذَا هَذَا وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَهَذِهِ الشَّرِكَةُ جَائِزَةٌ فِي الشِّرَاءِ وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَبِيعَ حِصَّةَ الْآخَرِ مِمَّا يَشْتَرِي إلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِهِ، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ.

إنْ قَالَ رَجُلٌ لِغَيْرِهِ: مَا اشْتَرَيْتُ مِنْ شَيْءٍ فَبَيْنِي وَبَيْنَكَ أَوْ قَالَ فَبَيْنَنَا، وَقَالَ الْآخَرُ: نَعَمْ، فَإِنْ أَرَادَ بِذَلِكَ أَنْ يَكُونَا بِمَعْنَى شَرِيكَيْ التِّجَارَةِ كَانَ شَرِكَةً حَتَّى يَصِحَّ مِنْ غَيْرِ بَيَانِ جِنْسِ الْمُشْتَرَى أَوْ نَوْعِهِ أَوْ قَدْرِ الثَّمَنِ كَمَا إذَا نَصَّا عَلَى الشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ وَإِنْ أَرَادَ بِهِ أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرَى بَيْنَهُمَا خَاصَّةً بِعَيْنِهِ وَلَا يَكُونَا فِيهِ كَشَرِيكَيْ التِّجَارَةِ بَلْ يَكُونُ الْمُشْتَرَى بَيْنَهُمَا بِعَيْنِهِ كَمَا إذَا وَرِثَا أَوْ وُهِبَ لَهُمَا كَانَ وَكَالَةً لَا شَرِكَةً، فَإِنْ وُجِدَ شَرْطُ صِحَّةِ الْوَكَالَةِ جَازَتْ الْوَكَالَةُ وَإِلَّا فَلَا وَهُوَ بَيَانُ جِنْسِ الْمُشْتَرَى وَبَيَانُ نَوْعِهِ وَمِقْدَارِ الثَّمَنِ فِي الْوَكَالَةِ الْخَاصَّةِ، وَهُوَ أَنْ لَا يُفَوِّضَ الْمُوَكِّلُ الرَّأْيَ إلَى الْوَكِيلِ أَوْ بَيَانَ الْوَقْتِ أَوْ قَدْرَ الثَّمَنِ أَوْ جِنْسَ الْمَبِيعِ فِي الْوَكَالَةِ الْعَامَّةِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.

وَفِي الْمُنْتَقَى عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلَيْنِ قَالَا: مَا اشْتَرَيْنَا مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ بَيْنَنَا نِصْفَيْنِ فَهُوَ جَائِزٌ وَفِيهِ أَيْضًا عَنْ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ قَالَ لِآخَرَ: مَا اشْتَرَيْتُ مِنْ أَصْنَافِ التِّجَارَةِ فَهُوَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ فَقَبِلَ ذَلِكَ صَاحِبُهُ فَهُوَ جَائِزٌ، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ " الْيَوْمَ وَمَا أَشْتَرِي فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ " كَانَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ وَلَمْ يُوَقِّتَا، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: مَا اشْتَرَيْتُ مِنْ الدَّقِيقِ فَهُوَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ، وَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015