الْمُلْتَقِطِ وَإِنْ كَانَتْ اللُّقَطَةُ فِي يَدِ الْمُلْتَقِطِ أَوْ الْمِسْكِينِ قَائِمَةً أَخَذَهَا مِنْهُ، كَذَا فِي شَرْحِ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ.
كُلُّ لُقَطَةٍ يُعْلَمُ أَنَّهَا كَانَتْ لِذِمِّيٍّ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُتَصَدَّقَ بِهَا وَلَكِنْ تُصْرَفُ إلَى بَيْتِ الْمَالِ لِنَوَائِبِ الْمُسْلِمِينَ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. .
ثُمَّ مَا يَجِدُهُ الرَّجُلُ نَوْعَانِ: نَوْعٌ يَعْلَمُ أَنَّ صَاحِبَهُ لَا يَطْلُبُهُ كَالنَّوَى فِي مَوَاضِعَ مُتَفَرِّقَةٍ وَقُشُورِ الرُّمَّانِ فِي مَوَاضِعَ مُتَفَرِّقَةٍ، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا وَيَنْتَفِعَ بِهَا إلَّا أَنَّ صَاحِبَهَا إذَا وَجَدَهَا فِي يَدِهِ بَعْدَ مَا جَمَعَهَا فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا وَلَا تَصِيرُ مِلْكًا لِلْآخِذِ، هَكَذَا ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ خُوَاهَرْ زَادَهْ وَشَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فِي شَرْحِ كِتَابِ اللُّقْطَةِ، وَهَكَذَا ذَكَرَ الْقُدُورِيُّ فِي شَرْحِهِ. وَنَوْعٌ آخَرُ يُعْلَمُ أَنَّ صَاحِبَهُ يَطْلُبُهُ كَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَسَائِرِ الْعُرُوضِ وَأَشْبَاهِهَا وَفِي هَذَا الْوَجْهِ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا وَيَحْفَظَهَا وَيُعَرِّفَهَا حَتَّى يُوَصِّلَهَا إلَى صَاحِبِهَا وَقُشُورِ الرُّمَّانِ وَالنَّوَى إذَا كَانَتْ مُجْتَمَعَةً فَهِيَ مِنْ النَّوْعِ الثَّانِي وَفِي غَصْبِ النَّوَازِلِ إذَا وَجَدَ جَوْزَةً ثُمَّ أُخْرَى حَتَّى بَلَغَتْ عَشْرًا وَصَارَ لَهَا قِيمَةٌ فَإِنْ وَجَدَهَا فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ فَهِيَ مِنْ النَّوْعِ الثَّانِي بِلَا خِلَافٍ وَإِنْ وَجَدَهَا فِي مَوَاضِعَ مُتَفَرِّقَةٍ فَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ، قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَالْمُخْتَارُ أَنَّهَا مِنْ الثَّانِي.
وَفِي فَتَاوَى أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ الْحَطَبُ الَّذِي يُوجَدُ فِي الْمَاءِ لَا بَأْسَ بِأَخْذِهِ وَالِانْتِفَاعِ بِهِ وَإِنْ كَانَ لَهُ قِيمَةٌ، وَكَذَلِكَ التُّفَّاحُ وَالْكُمَّثْرَى إذَا وُجِدَ فِي نَهْرٍ جَارٍ لَا بَأْسَ بِأَخْذِهِ وَالِانْتِفَاعِ بِهِ وَإِنْ كَثُرَ.
إذَا مَرَّ فِي أَيَّامِ الصَّيْفِ بِثِمَارٍ سَاقِطَةٍ تَحْتَ الْأَشْجَارِ فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى وُجُوهٍ إنْ كَانَ ذَلِكَ فِي الْأَمْصَارِ لَا يَسَعُهُ التَّنَاوُلُ مِنْهَا إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ صَاحِبَهَا قَدْ أَبَاحَ ذَلِكَ إمَّا نَصًّا أَوْ دَلَالَةً بِالْعَادَةِ، وَإِنْ كَانَ فِي الْحَائِطِ وَالثِّمَارِ مِمَّا يَبْقَى كَالْجَوْزِ وَنَحْوِهِ لَا يَسَعُهُ أَنْ يَأْخُذَهُ مَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ صَاحِبَهَا قَدْ أَبَاحَ ذَلِكَ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ مَا لَمْ يُعْلَمْ النَّهْيُ إمَّا صَرِيحًا أَوْ دَلَالَةً، وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي الرَّسَاتِيقِ الَّتِي يُقَالُ بِالْفَارِسِيَّةِ بيرادسته، وَكَانَ ذَلِكَ مِنْ الثِّمَارِ الَّتِي تَبْقَى لَا يَسَعُهُ الْأَخْذُ إذَا عَلِمَ الْإِذْنَ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ الثِّمَارِ الَّتِي لَا تَبْقَى يَسَعُهُ الْأَخْذُ بِلَا خِلَافٍ مَا لَمْ يَعْلَمْ النَّهْيَ، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا كُلُّهُ إذَا كَانَتْ الثِّمَارُ سَاقِطَةً تَحْتَ الْأَشْجَارِ، فَأَمَّا إذَا كَانَتْ عَلَى الْأَشْجَارِ فَالْأَفْضَلُ أَنْ لَا يَأْخُذَهُ فِي مَوْضِعٍ مَا إلَّا بِإِذْنِ الْمَالِكِ إلَّا إذَا كَانَ مَوْضِعًا كَثِيرَ الثِّمَارِ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَشُقُّ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ فَيَسَعُهُ الْأَكْلُ وَلَا يَسَعُهُ الْحَمْلُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ
وَإِنْ كَانَتْ اللُّقَطَةُ شَيْئًا إذَا مَضَى عَلَيْهِ يَوْمٌ أَوْ يَوْمَانِ يَفْسُدُ فَإِنْ كَانَ قَلِيلًا نَحْوَ حَبِّ الْعِنَبِ وَمِثْلِهَا يَأْكُلُهَا مِنْ سَاعَتِهِ غَنِيًّا كَانَ أَوْ فَقِيرًا وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا يَبِيعُهَا بِأَمْرِ الْقَاضِي وَيَحْفَظُ ثَمَنَهَا.
وَإِنْ كَانَتْ اللُّقَطَةُ مِمَّا يَحْتَاجُ إلَى النَّفَقَةِ إنْ كَانَ شَيْئًا يُمْكِنُ إجَارَتُهُ يُؤَاجِرُهُ بِأَمْرِ الْقَاضِي وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ الْأَجْرِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهَا مَنْفَعَةٌ أَوْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَسْتَأْجِرُهَا وَخَافَ أَنْ تَسْتَغْرِقَ النَّفَقَةُ قِيمَتَهَا بَاعَهَا وَأُمِرَ بِحِفْظِ ثَمَنِهَا، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَإِذَا جَاءَ صَاحِبُهَا وَطَلَبَهَا مَنَعَهَا إيَّاهُ حَتَّى يُوفِيَ النَّفَقَةَ الَّتِي أَنْفَقَ عَلَيْهَا، كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَمَا أَنْفَقَ الْمُلْتَقِطُ عَلَى اللُّقَطَةِ بِغَيْرِ إذْنِ الْحَاكِمِ فَهُوَ تَبَرُّعٌ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَبِإِذْنِ الْقَاضِي يَكُونُ دَيْنًا، وَصُورَةُ إذْنِ الْقَاضِي أَنْ يَقُولَ لَهُ: أَنْفِقْ عَلَى أَنْ تَرْجِعَ