السِّرَاجِيَّةِ.
لَوْ اسْتَعَانَ أَهْلُ الْبَغْيِ بِقَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَى حَرْبِهِمْ، فَقَاتَلُوا مَعَهُمْ أَهْلَ الْعَدْلِ لَا يَكُونُ ذَلِكَ نَقْضًا لِعَهْدِهِمْ، وَمَا أَصَابَ أَهْلُ الذِّمَّةِ مِنْ قَتْلٍ، أَوْ جِرَاحَةٍ، أَوْ مَالٍ مِنَّا، أَوْ أَصَبْنَا مِنْهُمْ فِي ذَلِكَ فَلَا ضَمَانَ كَمَا فِي حَقِّ أَهْلِ الْبَغْيِ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَهْلُ الْبَغْيِ إذَا كَانُوا فِي عَسْكَرِهِمْ، فَقَتَلَ رَجُلٌ مِنْهُمْ رَجُلًا، فَلَا قِصَاصَ عَلَى الْقَاتِلِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَيْضًا فِي أَهْلِ الْبَغْيِ إذَا غَلَبُوا عَلَى أَهْلِ الْمِصْرِ فَقَتَلَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَغْيِ رَجُلًا مِنْ الْمِصْرِ عَمْدًا، ثُمَّ ظَهَرْنَا عَلَى ذَلِكَ الْمِصْرِ يُقْتَصُّ لَهُ مِنْهُ، وَمَعْنَى الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُمْ غَلَبُوا، وَلَمْ يَجْرِ فِيهَا حُكْمُهُمْ حَتَّى أَزْعَجَهُمْ إمَامُ أَهْلِ الْمِصْرِ، فَأَمَّا إذَا جَرَى فِيهَا حُكْمُ أَهْلِ الْبَغْيِ، فَقَدْ انْقَطَعَتْ وِلَايَةُ أَهْلِ الْعَدْلِ وَمَنَعَتُهُمْ فَلَا يَجِبُ شَيْءٌ بِقَتْلِ الرَّجُلِ مِنْ أَهْلِ الْمِصْرِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: أَيْضًا فِي رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْعَدْلِ قَتَلَ بَاغِيًا وَالْقَاتِلُ وَارِثُهُ وَرِثَهُ، وَإِنْ قَتَلَهُ الْبَاغِي، فَقَالَ الْبَاغِي: كُنْتُ عَلَى الْحَقِّ حِينَ قَتَلْتُ، وَأَنَا الْآنَ عَلَى الْحَقِّ أُوَرِّثَهُ مِنْهُ، وَإِنْ قَالَ: قَتَلْتُهُ وَأَنَا أَعْلَمُ أَنِّي عَلَى بَاطِلٍ يَوْمَ قَتْلِهِ لَمْ أُوَرِّثْهُ مِنْهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
مَنْ قُتِلَ مِنْ أَهْلِ الْبَغْيِ فَإِنَّهُ لَا يُغَسَّلُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَمَنْ قُتِلَ مِنْ أَهْلِ الْعَدْلِ فَإِنَّهُ يُفْعَلُ بِهِ مَا يُفْعَلُ بِالشَّهِيدِ، وَحُكْمُهُ حُكْمُ الشَّهِيدِ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.
أَهْلُ الْبَغْيِ إذَا أَخَذُوا الْعُشْرَ وَالْخَرَاجَ لَا يُؤْخَذُ ثَانِيًا، ثُمَّ إنْ كَانَ صَرَفَ أَهْلُ الْبَغْيِ مَا أَخَذُوهُ فِي وَجْهِهِ فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِمْ قَضَاءً، وَلَكِنْ يُفْتَى أَرْبَابُ الْأَمْوَالِ أَنْ يُعِيدُوا ذَلِكَ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَلَكِنْ قَالَ مَشَايِخُنَا: لَا إعَادَةَ عَلَيْهِمْ فِي الْخَرَاجِ دِيَانَةً أَيْضًا، وَكَذَلِكَ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِمْ أَيْضًا فِي الْعُشْرِ إذَا كَانَ أَهْلُ الْبَغْيِ فُقَرَاءَ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ.
وَيُكْرَهُ بَيْعُ السِّلَاحِ مِنْ أَهْلِ الْفِتْنَةِ فِي عَسَاكِرِهِمْ، وَلَا بَأْسَ بِبَيْعِهِ بِالْكُوفَةِ مِمَّنْ لَمْ يَدْرِ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْفِتْنَةِ، وَهَذَا فِي نَفْسِ السِّلَاحِ، فَأَمَّا مَا لَا يُقَاتَلُ بِهِ إلَّا بِصَنْعَةٍ كَالْحَدِيدِ فَلَا بَأْسَ بِهِ كَذَا فِي الْكَافِي.
ِ اللَّقِيطِ وَهُوَ فِي الشَّرِيعَةِ اسْمٌ لِحَيٍّ مَوْلُودٍ طَرَحَهُ أَهْلُهُ خَوْفًا مِنْ الْعَيْلَةِ أَوْ فِرَارًا مِنْ تُهْمَةِ الزِّنَا مُضَيِّعُهُ آثِمٌ وَمُحْرِزُهُ غَانِمٌ.
وَالِالْتِقَاطُ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ، وَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ ضَيَاعُهُ كَأَنْ وَجَدَهُ فِي الْمَاءِ، أَوْ بَيْنَ يَدَيْ سَبُعٍ، فَوَاجِبٌ.
وَاللَّقِيطُ حُرٌّ وَوَلِيُّهُ السُّلْطَانُ حَتَّى أَنَّ الْمُلْتَقِطَ إذَا زَوَّجَهُ امْرَأَةً، أَوْ كَانَتْ جَارِيَةً فَزَوَّجَهَا مِنْ آخَرَ لَمْ يَجُزْ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَلَا يَأْخُذُهُ مِنْهُ أَحَدٌ، وَلَوْ دَفَعَهُ هُوَ إلَى غَيْرِهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
عَقْلُهُ وَنَفَقَتُهُ فِي بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ
وَإِذَا وُجِدَ مَعَ اللَّقِيطِ مَالٌ مَشْدُودٌ عَلَيْهِ، فَهُوَ لَهُ، وَكَذَا إذَا كَانَ مَشْدُودًا عَلَى دَابَّةٍ، وَهُوَ عَلَيْهَا، وَأَمَّا إذَا كَانَ مَوْضُوعًا بِقُرْبِهِ لَمْ يُحْكَمْ لَهُ بِهِ، وَيَكُونُ لُقَطَةً، وَإِنْ وُجِدَ اللَّقِيطُ عَلَى دَابَّةٍ، فَهِيَ لَهُ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَنَفَقَتُهُ فِي ذَلِكَ الْمَالِ بِأَمْرِ الْقَاضِي لِلْمُلْتَقِطِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ مِنْهُ، وَقِيلَ يُنْفِقُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ