حُكْمِهِ بِاللَّحَاقِ بِمَوْتِهِ، وَإِذَا تَابَ تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ وَتَعُودُ ذِمَّتُهُ وَلَا يَبْطُلُ أَمَانُ ذُرِّيَّتِهِ بِنَقْضِ عَهْدِهِ، وَتَبِينُ مِنْهُ زَوْجَتُهُ الذِّمِّيَّةُ الَّتِي خَلَّفَهَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ إجْمَاعًا، وَيُقْسَمُ مَالُهُ بَيْنَ وَرَثَتِهِ، وَكَذَا فِي حُكْمِ مَا حَمَلَهُ مِنْ مَالِهِ إلَى دَارِ الْحَرْبِ بَعْدَ النَّقْضِ، وَلَوْ ظَهَرَ عَلَى الدَّارِ تَكُونُ فَيْئًا لِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَوْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ، ثُمَّ عَادَ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، وَأَخَذَ مِنْ مَالِهِ، وَأَدْخَلَهُ دَارَ الْحَرْبِ، ثُمَّ ظَهَرَ عَلَى الدَّارِ فَالْوَرَثَةُ أَحَقُّ بِهِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ مَجَّانًا، وَبَعْدَ الْقِسْمَةِ بِالْقِيمَةِ وَلَوْ أُسِرَ يُسْتَرَقُّ بِخِلَافِ الْمُرْتَدِّ إذَا لَحِقَ، ثُمَّ ظَهَرَ عَلَى الدَّارِ فَأُسِرَ لَا يُسْتَرَقُّ بَلْ يُقْتَلُ إذَا لَمْ يُسْلِمْ وَكَذَا يَجُوزُ وَضْعُ الْجِزْيَةِ عَلَيْهِ إذَا عَادَ بَعْدَ نَقْضِهِ وَقَبِلَهَا بِخِلَافِ الْمُرْتَدِّ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ

[الْبَابُ التَّاسِعُ فِي أَحْكَامِ الْمُرْتَدِّينَ]

َ الْمُرْتَدُّ عُرْفًا هُوَ الرَّاجِعُ عَنْ دِينِ الْإِسْلَامِ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَرُكْنُ الرِّدَّةِ إجْرَاءُ كَلِمَةِ الْكُفْرِ عَلَى اللِّسَانِ بَعْدَ وُجُودِ الْإِيمَانِ وَشَرَائِطُ صِحَّتِهَا الْعَقْلُ فَلَا تَصِحُّ رِدَّةُ الْمَجْنُونِ وَلَا الصَّبِيِّ الَّذِي لَا يَعْقِلُ، أَمَّا مَنْ جُنُونُهُ يَنْقَطِعُ، فَإِنْ ارْتَدَّ حَالَ الْجُنُونِ لَمْ تَصِحَّ، وَإِنْ ارْتَدَّ حَالَ إفَاقَتِهِ صَحَّتْ وَكَذَا لَا تَصِحُّ رِدَّةُ السَّكْرَانِ الذَّاهِبِ الْعَقْلَ وَالْبُلُوغُ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِصِحَّتِهَا، وَكَذَا الذُّكُورَةُ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ لِصِحَّتِهَا، وَمِنْهَا الطَّوْعُ فَلَا تَصِحُّ رِدَّةُ الْمُكْرَهِ عَلَيْهَا كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ نَاقِلًا عَنْ الْبَدَائِعِ وَالصَّبِيُّ الَّذِي يَعْقِلُ هُوَ الَّذِي يَعْرِفُ أَنَّ الْإِسْلَامَ سَبَبُ النَّجَاةِ، وَيُمَيِّزُ الْخَبِيثَ مِنْ الطَّيِّبِ وَالْحُلْوَ مِنْ الْمُرِّ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَقَدَّرَ فِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ عَقْلَهُ بِأَنْ يَبْلُغَ سَبْعَ سِنِينَ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ.

مَنْ أَصَابَهُ بِرْسَامٌ، أَوْ أُطْعِمَ شَيْئًا فَذَهَبَ عَقْلُهُ فَهَذَى فَارْتَدَّ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ ارْتِدَادًا، وَكَذَا لَوْ كَانَ مَعْتُوهًا، أَوْ مُوَسْوِسًا، أَوْ مَغْلُوبًا عَلَى عَقْلِهِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ، فَهُوَ عَلَى هَذَا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.

إذَا ارْتَدَّ الْمُسْلِمُ عَنْ الْإِسْلَامِ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ عُرِضَ عَلَيْهِ الْإِسْلَامُ، فَإِنْ كَانَتْ لَهُ شُبْهَةٌ أَبْدَاهَا كُشِفَتْ إلَّا أَنَّ الْعَرْضَ عَلَى مَا قَالُوا غَيْرُ وَاجِبٍ بَلْ مُسْتَحَبٌّ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَيُحْبَسُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنْ أَسْلَمَ وَإِلَّا قُتِلَ هَذَا إذَا اُسْتُمْهِلَ، فَأَمَّا إذَا لَمْ يُسْتَمْهَلْ قُتِلَ مِنْ سَاعَتِهِ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَإِسْلَامُهُ أَنْ يَأْتِيَ بِكَلِمَةِ الشَّهَادَةِ، وَيَتَبَرَّأَ عَنْ الْأَدْيَانِ كُلِّهَا سِوَى الْإِسْلَامِ، وَإِنْ تَبَرَّأَ عَمَّا انْتَقَلَ إلَيْهِ كَفَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

نَقَلَ النَّاطِفِيُّ فِي الْأَجْنَاسِ عَنْ كِتَابِ الِارْتِدَادِ لِلْحَسَنِ فَإِنْ تَابَ الْمُرْتَدُّ، وَعَادَ إلَى الْإِسْلَامِ، ثُمَّ عَادَ إلَى الْكُفْرِ حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَفِي كُلِّ مَرَّةٍ طَلَبَ مِنْ الْإِمَامِ التَّأْجِيلَ، فَإِنَّهُ يُؤَجِّلُهُ الْإِمَامُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، فَإِنْ عَادَ إلَى الْكُفْرِ رَابِعًا، فَإِنَّهُ لَا يُؤَجِّلُهُ، فَإِنْ أَسْلَمَ وَإِلَّا قُتِلَ، وَقَالَ الْكَرْخِيُّ: فِي مُخْتَصَرِهِ فَإِنْ رَجَعَ أَيْضًا عَنْ الْإِسْلَامِ، فَأَتَى بِهِ الْإِمَامُ بَعْدَ ثَالِثِهِ اسْتَتَابَهُ أَيْضًا فَإِنْ لَمْ يَتُبْ قَتَلَهُ وَلَا يُؤَجِّلُهُ، وَإِنْ هُوَ تَابَ ضَرَبَهُ ضَرْبًا وَجِيعًا وَلَا يَبْلُغُ بِهِ الْحَدَّ، ثُمَّ يَحْبِسُهُ وَلَا يُخْرِجُهُ مِنْ السِّجْنِ حَتَّى يُرَى عَلَيْهِ خُشُوعُ التَّوْبَةِ وَيُرَى مِنْ حَالِهِ حَالُ إنْسَانٍ قَدْ أَخْلَصَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015