كَانَ خَرَاجُ الْكُرُومِ مَعْلُومًا، وَخَرَاجُ الْأَرَاضِي كَذَلِكَ كَانَ الْحُكْمُ عَلَى مَا كَانَ قَبْلَ الشِّرَاءِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ خَرَاجُ الْكُرُومِ مَعْلُومًا، وَكَانَ خَرَاجُ الضَّيْعَةِ جُمْلَةً، فَإِنْ عُلِمَ أَنَّ الْكُرُومَ كَانَتْ كُرُومًا فِي الْأَصْلِ لَا يُعْرَفُ إلَّا كَرْمًا وَالْأَرَاضِي كَذَلِكَ يُنْظَرُ إلَى خَرَاجِ الْكُرُومِ وَالْأَرَاضِي، فَإِذَا عُرِفَ ذَلِكَ يُقْسَمُ جُمْلَةُ خَرَاجِ الضَّيْعَةِ عَلَيْهِمَا عَلَى قَدْرِ حِصَصِهِمَا.
قَرْيَةٌ خَرَاجُ أَرْضِهَا عَلَى التَّفَاوُتِ، وَطَلَبَ مَنْ كَانَ خَرَاجُ أَرْضِهِ أَكْثَرَ التَّسْوِيَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ قَالُوا: إنْ كَانَ لَا يُعْلَمُ أَنَّ الْخَرَاجَ فِي الِابْتِدَاءِ كَانَ عَلَى التَّسَاوِي أَمْ عَلَى التَّفَاوُتِ يُتْرَكُ عَلَى مَا كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
فِي الْفَتَاوَى إذَا جَعَلَ الرَّجُلُ أَرْضَهُ الْخَرَاجِيَّةَ مَقْبَرَةً، أَوْ خَانًا لِلْغَلَّةِ، أَوْ مَسْكَنًا لِلْفُقَرَاءِ سَقَطَ الْخَرَاجُ.
خَرَاجُ الْأَرَاضِي إذَا تَوَالَى عَلَى الْمُسْلِمِ سِنِينَ فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يُؤْخَذُ بِجَمِيعِ مَا مَضَى، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُؤْخَذُ إلَّا بِخَرَاجِ السَّنَةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا هَكَذَا ذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شَرْحِ السِّيَرِ الصَّغِيرِ وَذَكَرَ صَدْرُ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كِتَابِ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رِوَايَتَيْنِ قَالَ صَدْرُ الْإِسْلَامِ: الصَّحِيحُ أَنَّهُ يُؤْخَذُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
لَا خَرَاجَ إنْ غَلَبَ عَلَى أَرْضِهِ الْمَاءُ، أَوْ انْقَطَعَ، أَوْ مُنِعَ مِنْ الزَّرْعِ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ.
ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي النَّوَادِرِ إذَا غَرِقَتْ أَرْضُ الْخَرَاجِ، ثُمَّ نَضَبَ الْمَاءُ عَنْهَا فِي وَقْتٍ يَقْدِرُ عَلَى زِرَاعَتِهَا ثَانِيًا قَبْلَ دُخُولِ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ فَلَمْ يَزْرَعْهَا فَعَلَيْهِ الْخَرَاجُ، وَإِنْ نَضَبَ الْمَاءُ عَنْهَا فِي وَقْتٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى زِرَاعَتِهَا ثَانِيًا قَبْلَ دُخُولِ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ لَا يَجِبُ الْخَرَاجُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إذَا اصْطَلَمَ الزَّرْعَ آفَةٌ سَمَاوِيَّةٌ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهَا كَالْغَرَقِ وَالْحَرْقِ وَشِدَّةِ الْبَرْدِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَلَا خَرَاجَ، أَمَّا إذَا كَانَتْ آفَةً غَيْرَ سَمَاوِيَّةٍ، وَيُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهَا كَأَكْلِ الْقِرَدَةِ وَالسِّبَاعِ وَالْأَنْعَامِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَلَا يَسْقُطُ الْخَرَاجُ، وَهُوَ الْأَصَحُّ وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَنَّ هَلَاكَ الْخَارِجِ قَبْلَ الْحَصَادِ يُسْقِطُ الْخَرَاجَ هَلَاكُهُ بَعْدَ الْحَصَادِ لَا يُسْقِطُهُ هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَفِي أَرْضِ الْعُشْرِ إذَا هَلَكَ الْخَارِجُ قَبْلَ الْحَصَادِ يَسْقُطُ، وَإِنْ هَلَكَ بَعْدَ الْحَصَادِ مَا كَانَ مِنْ نَصِيبِ رَبِّ الْأَرْضِ يَسْقُطُ، وَمَا كَانَ مِنْ نَصِيبِ الْأَكَّارِ يَبْقَى فِي ذِمَّةِ رَبِّ الْأَرْضِ، وَخَرَاجُ الْمُقَاسَمَةِ بِمَنْزِلَةِ الْعُشْرِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ شَيْءٌ مِنْ الْخَارِجِ، وَإِنَّمَا يُفَارِقُ الْعُشْرَ فِي الْمَصْرِفِ، وَهَذَا إذَا هَلَكَ كُلُّ الْخَارِجِ فَإِنْ هَلَكَ الْأَكْثَرُ وَبَقِيَ الْبَعْضُ يُنْظَرُ إلَى مَا بَقِيَ إنْ بَقِيَ مِقْدَارُ مَا يَبْلُغُ قَفِيزَيْنِ وَدِرْهَمَيْنِ يَجِبُ قَفِيزٌ وَدِرْهَمٌ وَلَا يَسْقُطُ الْخَرَاجُ، وَإِنْ بَقِيَ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ يَجِبُ نِصْفُ الْخَارِجِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ قَالَ مَشَايِخُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى وَالصَّوَابُ فِي هَذَا أَنْ يُنْظَرَ أَوَّلًا إلَى مَا أَنْفَقَ هَذَا الرَّجُلُ فِي هَذِهِ الْأَرْضِ، ثُمَّ يُنْظَرَ إلَى الْخَارِجِ فَيُسْتَحَبُّ مَا أَنْفَقَ أَوَّلًا مِنْ الْخَارِجِ فَإِنْ فَضَلَ مِنْهُ شَيْءٌ أَخَذَ مِنْهُ عَلَى نَحْوِ مَا بَيَّنَّا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَالْمُحِيطِ، وَإِنَّمَا يَسْقُطُ الْخَرَاجُ بِهَلَاكِ الْخَارِجِ إذَا لَمْ يَبْقَ مِنْ السَّنَةِ مِقْدَارُ مَا يَتَمَكَّنُ فِيهِ مِنْ الزِّرَاعَةِ فَإِنْ بَقِيَ لَا يَسْقُطُ الْخَرَاجُ وَيُجْعَلُ كَأَنَّ الْأَوَّلَ لَمْ يَكُنْ، وَكَذَا الْكَرْمُ إذَا ذَهَبَ ثِمَارُهُ بِآفَةٍ إنْ ذَهَبَ الْبَعْضُ، وَبَقِيَ