أَهْلِ الْحَرْبِ وَتَجْهِيزُهُ إلَيْهِمْ قَبْلَ الْمُوَادَعَةِ وَبَعْدَهَا، كَذَلِكَ الْحَدِيدُ، وَكُلُّ مَا هُوَ أَصْلٌ فِي آلَاتِ الْحَرْبِ، وَلَا يُكْرَهُ إدْخَالُ ذَلِكَ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ.

وَلَوْ جَاءَ حَرْبِيٌّ بِسَيْفٍ، فَاشْتَرَى مَكَانَهُ قَوْسًا أَوْ رُمْحًا أَوْ تُرْسًا لَمْ يَتْرُكْ أَنْ يَخْرُجَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَإِنْ بَاعَهُ بِدَرَاهِمَ، ثُمَّ اشْتَرَى غَيْرَهُ يُمْنَعُ مُطْلَقًا كَذَا فِي التَّبْيِينِ. .

طَلَبَ مَلِكٌ مِنْهُمْ الذِّمَّةَ عَلَى أَنْ يُتْرَكَ أَنْ يَحْكُمَ فِي أَهْلِ مَمْلَكَتِهِ مَا شَاءَ مِنْ قَتْلٍ أَوْ ظُلْمٍ لَا يَصِحُّ فِي الْإِسْلَامِ لَا يُجَابُ إلَى ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ لَهُ أَرْضٌ فِيهَا قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ مَمْلَكَتِهِ هُمْ عَبِيدُهُ يَبِيعُ مِنْهُمْ مَا شَاءَ، فَصَالَحَ وَصَارَ ذِمَّةً فَهُمْ عَبِيدٌ لَهُ كَمَا كَانُوا يَبِيعُهُمْ إنْ شَاءَ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، فَإِنْ ظَفِرَ عَلَيْهِمْ عَدُوُّهُمْ، ثُمَّ اسْتَنْقَذَهُمْ الْمُسْلِمُونَ مِنْ أَيْدِي أُولَئِكَ، فَإِنَّهُمْ يُرَدُّونَ إلَى هَذَا الْمَلِكِ بِغَيْرِ شَيْءٍ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَبِالْقِيمَةِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ بِمَنْزِلَةِ سَائِرِ أَمْوَالِ أَهْلِ الذِّمَّةِ، وَعَلَى هَذَا لَوْ أَسْلَمَ الْمَلِكُ وَأَهْلُ أَرْضِهِ أَوْ أَسْلَمَ أَهْلُ أَرْضِهِ دُونَهُ، فَهُمْ عُبَيْدٌ لَهُ كَمَا كَانُوا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. .

[فَصْلٌ فِي الْأَمَانِ]

ِ إذَا أَمَّنَّ رَجُلٌ حُرٌّ أَوْ امْرَأَةٌ حُرَّةٌ كَافِرًا أَوْ جَمَاعَةً أَوْ أَهْلَ حِصْنٍ أَوْ مَدِينَةً صَحَّ أَمَانُهُمْ، وَلَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ قِتَالُهُمْ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي ذَلِكَ مَفْسَدَةٌ فَيَنْبُذُ إلَيْهِمْ كَمَا إذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ بِنَفْسِهِ، ثُمَّ رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِي النَّبْذِ، وَلَوْ حَاصَرَ الْإِمَامُ حِصْنًا وَأَمَّنَ وَاحِدٌ مِنْ الْجَيْشِ، وَفِيهِ مَفْسَدَةٌ يَنْبُذُ الْأَمَانَ وَيُؤَدِّبُهُ الْإِمَامُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.

وَيَبْطُلُ أَمَانُ ذِمِّيٍّ إلَّا إذَا أَمَرَهُ أَمِيرُ الْعَسْكَرِ أَنْ يُؤْمِنَهُمْ فَيَجُوزُ أَمَانُهُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ.

وَيَصِحُّ أَمَانُ الْمُكَاتَبِ، وَلَا يَجُوزُ أَمَانُ الْمُسْلِمِ التَّاجِرِ فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَلَا أَمَانُ الْمُسْلِمِ الْأَسِيرِ فِي أَيْدِيهِمْ، وَلَا أَمَانُ الَّذِي أَسْلَمَ فِي دَارِ الْحَرْبِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

الْعَبْدُ إذَا أَمَّنَ إنْ كَانَ مَأْذُونًا فِي الْقِتَالِ فِي جِهَةِ الْمَوْلَى يَصِحُّ أَمَانُهُ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنْ كَانَ مَحْجُورًا عَنْ الْقِتَالِ، فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَصِحُّ أَمَانُهُ وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَصِحُّ وَقَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مُضْطَرِبٌ بَعْضُ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى قَالُوا هَذَا الْخِلَافُ فِي الْعَبْدِ الْمَحْجُورِ إذَا لَمْ يَجِئْ النَّفِيرُ أَمَّا إذَا جَاءَ النَّفِيرُ، فَيَصِحُّ أَمَانُهُ بِلَا خِلَافٍ، وَبَعْضُهُمْ قَالُوا: الْكُلُّ عَلَى الْخِلَافِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالْجَوَابُ فِي الْأَمَةِ كَالْجَوَابِ فِي الْعَبْدِ إنْ كَانَتْ تُقَاتِلُ بِإِذْنِ الْمَوْلَى فَأَمَانُهَا صَحِيحٌ، وَإِنْ كَانَتْ لَا تُقَاتِلُ، فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَصِحُّ أَمَانُهَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ

إنْ أَمَّنَ الصَّبِيُّ، وَهُوَ لَا يَعْقِلُ لَا يَصِحُّ كَالْمَجْنُونِ وَإِنْ كَانَ يَعْقِلُ الْإِسْلَامَ، وَيَصِفُهُ، وَهُوَ مَحْجُورٌ عَنْ الْقِتَالِ لَا يَصِحُّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَيَصِحُّ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِي الْقِتَالِ، فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَصِحُّ بِالِاتِّفَاقِ بَيْنَ أَصْحَابِنَا هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَمُخْتَلِطُ الْعَقْلِ الَّذِي يَعْقِلُ الْإِسْلَامَ، وَيَصِفُهُ بِمَنْزِلَةِ الصَّبِيِّ الَّذِي يَعْقِلُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَإِنْ كَبُرَ الْغُلَامُ وَبَلَغَ وَهُوَ لَا يَصِفُ الْإِسْلَامَ، وَلَا يَعْقِلُهُ، وَيَعْقِلُ أَمْرَ مَعِيشَتِهِ، فَأَمَانُهُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمُرْتَدِّ، وَكَذَلِكَ الْجَارِيَةُ حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

إذَا أَمَّنَ الرَّجُلُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أُنَاسًا مِنْ الْمُشْرِكِينَ، فَأَغَارَ عَلَيْهِمْ قَوْمٌ آخَرُونَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، فَقَتَلُوا الرِّجَالَ وَأَصَابُوا النِّسَاءَ وَالْأَمْوَالَ، وَاقْتَسَمُوا ذَلِكَ وَوُلِدَ لَهُمْ مِنْهُنَّ الْأَوْلَادُ، ثُمَّ عَلِمُوا بِالْأَمَانِ فَعَلَى الْقَاتِلِينَ دِيَةُ مَنْ قَتَلُوا وَتُرَدُّ النِّسَاءُ وَالْأَمْوَالُ إلَى أَهْلِهَا وَيَغْرَمُونَ لِلنِّسَاءِ أَصْدِقَتَهُنَّ بِمَا أَصَابُوا مِنْ فُرُوجِهِنَّ وَالْأَوْلَادُ أَحْرَارٌ بِغَيْرِ قِيمَةٍ مُسْلِمُونَ تَبَعًا لِآبَائِهِمْ لَا سَبِيلَ عَلَيْهِمْ لَكِنْ إنَّمَا تُرَدُّ النِّسَاءُ بَعْدَ مُضِيِّ ثَلَاثِ حِيَضٍ، وَفِي زَمَانِ الِاعْتِدَادِ يُوضَعْنَ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ وَالْعَدْلُ امْرَأَةٌ عَجُوزٌ ثِقَةٌ لَا الرَّجُلُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. .

قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِذَا نَادَى الْمُسْلِمُونَ أَهْلَ الْحَرْبِ بِالْأَمَانِ فَهُمْ آمِنُونَ جَمِيعًا إذَا سَمِعُوا صَوْتَهُمْ بِالْأَمَانِ بِأَيِّ لِسَانٍ كَانُوا نَادَوْهُمْ، وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ إنْ عَرَفُوا، وَفَهِمُوا بِالْأَمَانِ أَوْ لَمْ يَعْرِفُوا، وَلَمْ يَفْهَمُوا مِنْهُ الْأَمَانَ بِأَنْ نَادَوْهُمْ بِالْعَرَبِيَّةِ، وَهُمْ رُومٌ لَا يُحْسِنُونَ الْعَرَبِيَّةَ أَوْ نَادَوْهُمْ بِالنَّبَطِيَّةِ، وَهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْرِفُونَ النَّبَطِيَّة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015