الْبَحْرِ الرَّائِقِ نَاقِلًا عَنْ الْبَدَائِعِ.
قَالَ الْقُدُورِيُّ فِي كِتَابِهِ: الْكُفَّارُ عَلَى نَوْعَيْنِ مِنْهُمْ مَنْ يَجْحَدُ الْبَارِي عَزَّ وَجَلَّ وَمِنْهُمْ مَنْ يُقِرُّ بِهِ إلَّا أَنَّهُ يُنْكِرُ وَحْدَانِيَّتَهُ كَعَبَدَةِ الْأَوْثَانِ، فَمَنْ أَنْكَرَهُ: إذَا أَقَرَّ بِهِ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ وَمَنْ أَقَرَّ وَجَحَدَ وَحْدَانِيَّتَهُ إذَا أَقَرَّ بِوَحْدَانِيِّتِهِ بِأَنْ قَالَ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ، وَمَنْ أَقَرَّ بِوَحْدَانِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى وَجَحَدَ رِسَالَةَ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَإِذَا أَقَرَّ بِرِسَالَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. .
الْوَثَنِيُّ أَوْ الَّذِي لَا يُقِرُّ بِوَحْدَانِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى لَوْ قَالَ: اللَّهُ لَا يَصِيرُ مُسْلِمًا وَلَوْ قَالَ أَنَا مُسْلِمٌ يَصِيرُ مُسْلِمًا، فَإِنْ قَالَ أَرَدْتُ بِهِ أَنِّي عَلَى الْحَقِّ لَمْ يَكُنْ مُسْلِمًا وَالْيَهُودِيُّ أَوْ النَّصْرَانِيُّ إذَا قَالَ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ لَا يَصِيرُ مُسْلِمًا مَا لَمْ يَقُلْ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، قَالُوا: وَالْيَهُودُ وَالنَّصَارَى الْيَوْمَ بَيْنَ ظَهَرَانِي الْمُسْلِمِينَ إذَا قَالَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ لَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ حَتَّى يَتَبَرَّأَ عَنْ دِينِهِ إنْ كَانَ نَصْرَانِيًّا يَقُولُ: أَنَا بَرِيءٌ مِنْ النَّصْرَانِيَّةِ، وَإِنْ كَانَ يَهُودِيًّا يَقُولُ: أَنَا بَرِيءٌ مِنْ الْيَهُودِيَّةِ، وَمَعَ ذَلِكَ يَقُولُ: دَخَلْتُ فِي دِينِ الْإِسْلَامِ، وَلَوْ قَالَ الْيَهُودِيُّ أَوْ النَّصْرَانِيُّ: أَنَا مُسْلِمٌ أَوْ قَالَ: أَسْلَمْتُ لَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ؛ لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ: الْمُسْلِمُ مَنْ كَانَ مُنْقَادًا لِلْحَقِّ مُسْتَسْلِمًا، وَنَحْنُ عَلَى الْحَقِّ، فَإِذَا قَالَ: أَنَا مُسْلِمٌ يُسْأَلُ عَنْهُ إنْ قَالَ: أَرَدْتُ بِهِ تَرْكَ دِينِ النَّصْرَانِيَّةِ أَوْ الْيَهُودِيَّةِ وَالدُّخُولَ فِي دِينِ الْإِسْلَامِ يَكُونُ مُسْلِمًا حَتَّى لَوْ رَجَعَ بَعْدَ ذَلِكَ يُقْتَلُ، فَإِنْ قَالَ أَرَدْتُ بِهِ أَنِّي مُسْتَسْلِمٌ، وَأَنَا عَلَى الْحَقِّ لَمْ يَكُنْ مُسْلِمًا، فَإِنْ لَمْ يُسْأَلْ عَنْهُ حَتَّى صَلَّى بِجَمَاعَةٍ مَعَ الْمُسْلِمِينَ كَانَ مُسْلِمًا، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَ وَقَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ بِجَمَاعَةٍ، فَلَيْسَ بِمُسْلِمٍ وَلَوْ قَالَ الْيَهُودِيُّ أَوْ النَّصْرَانِيُّ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ تَبَرَّأْتُ عَنْ الْيَهُودِيَّةِ، وَلَمْ يَقُلْ مَعَ ذَلِكَ دَخَلْتُ فِي الْإِسْلَامِ لَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ حَتَّى لَوْ مَاتَ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ، فَإِنْ قَالَ مَعَ ذَلِكَ: دَخَلْتُ فِي الْإِسْلَامِ فَحِينَئِذٍ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إذَا كَانَتْ شَهَادَةُ الْكِتَابِيِّ بِرِسَالَةِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَوَابًا كَانَ دُخُولًا فِي الْإِسْلَامِ، وَعَنْ بَعْضِ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى إذَا قِيلَ لِلنَّصْرَانِيِّ أَمُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ بِحَقٍّ قَالَ: نَعَمْ إنَّهُ لَا يَصِيرُ مُسْلِمًا، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَكَذَلِكَ إذَا قِيلَ لَهُ أَمُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ بِحَقٍّ إلَى الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ فَقَالَ: نَعَمْ لَا يَصِيرُ مُسْلِمًا وَقَعَتْ فِي زَمَانِنَا أَنَّهُ قِيلَ لِنَصْرَانِيٍّ أَدِينُ الْإِسْلَامِ حَقٌّ، فَقَالَ: نَعَمْ فَقِيلَ لَهُ: أَدِينُ النَّصْرَانِيَّةِ بَاطِلٌ فَقَالَ: نَعَمْ فَأَفْتَى بَعْضُ الْمُفْتِينَ بِأَنَّهُ لَا يَصِيرُ مُسْلِمًا، وَأَفْتَى بَعْضُهُمْ أَنَّهُ يَصِيرُ مُسْلِمًا، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ النَّصْرَانِيُّ أَوْ الْيَهُودِيُّ: أَنَا عَلَى دِينِ الْحَنِيفِيَّةِ لَا يَصِيرُ مُسْلِمًا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
عَنْ بَعْضِ الْمَشَايِخِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى إذَا قَالَ الْيَهُودِيُّ: دَخَلْتُ فِي الْإِسْلَامِ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ تَبَرَّأْتُ عَنْ الْيَهُودِيَّةِ، وَأَمَّا الْمَجُوسِيُّ إذَا قَالَ: أَسْلَمْتُ أَوْ قَالَ: أَنَا مُسْلِمٌ فَيُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَدَّعُونَ لِأَنْفُسِهِمْ وَصْفَ الْإِسْلَامِ بَلْ يَعُدُّونَهُ شَتِيمَةً كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
إذَا صَلَّى الْكِتَابِيُّ أَوْ وَاحِدٌ مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ فِي جَمَاعَةٍ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ عِنْدَنَا، وَإِنْ صَلَّى وَحْدَهُ، فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ فَمِنْ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى مَنْ قَالَ لَا خِلَافَ فِي الْحَقِيقَةِ، فَإِنَّ مَا ذَكَرَهُ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَأْوِيلُهُ إذَا صَلَّى وَحْدَهُ بِغَيْرِ أَذَانٍ وَإِقَامَةٍ، وَعِنْدَ ذَلِكَ لَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ، وَتَأْوِيلُ مَا قَالَا إذَا صَلَّى وَحْدَهُ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ، وَعِنْدَ ذَلِكَ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ بِلَا خِلَافٍ وَفِي الْأَجْنَاسِ إذَا شَهِدُوا أَنَّا رَأَيْنَاهُ يُصَلِّي سُنَّةً، وَلَمْ يَقُولُوا بِجَمَاعَةٍ فَقَالَ: صَلَّيْتُ صَلَاتِي لَا يَكُونُ إسْلَامًا حَتَّى يَقُولُوا صَلَّى صَلَاتَنَا، وَاسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِنْ شَهِدُوا أَنَّهُ كَانَ يُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ كَانَ مُسْلِمًا كَانَ الْأَذَانُ فِي السَّفَرِ أَوْ فِي الْحَضَرِ، وَإِنْ قَالُوا: سَمِعْنَاهُ يُؤَذِّنُ فِي الْمَسْجِدِ بِشَيْءٍ حَتَّى يَقُولُوا هُوَ مُؤَذِّنٌ، فَإِذَا قَالُوا: ذَلِكَ، فَهُوَ مُسْلِمٌ؛ لِأَنَّهُمْ إذَا قَالُوا: إنَّهُ مُؤَذِّنٌ كَانَ ذَلِكَ عَادَةً فَيَكُونُ مُسْلِمًا كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ نَاقِلًا عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ وَإِنْ صَامَ أَوْ حَجَّ أَوْ أَدَّى الزَّكَاةَ