كُلَّهُ لَا يَكُونُ قَذْفًا وَلَوْ قَالَ إنَّهُ فَعَلَ كُلَّهُ فَهُوَ قَذْفٌ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
. فِي الْآثَارِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قَالَ لِغَيْرِهِ يَا نَعْلُ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ لِأَنَّهُ بِلُغَةِ عُمَانَ يَا زَانِي وَفِي مُخْتَصَرِ الْجَصَّاصِ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ أَنَّهُ قَالَ: إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَيْ دُوسِي يَجِبُ الْحَدُّ وَعَلَى هَذَا إذَا قَالَ: لَهَا أَيْ سياهه أَوْ قَالَ: أَيْ غِرُّ أَوْ قَالَ: أَيْ جَلَبُ أَوْ مَا شَاكَلَ ذَلِكَ يَجِبُ الْحَدُّ لِأَنَّ هَذِهِ الْعِبَارَاتِ كُلِّهَا مُنْبِئَةٌ عَنْ كَوْنِهَا زَانِيَةً عُرْفًا هَكَذَا ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَوْ قَذَفَ رَجُلًا فَقَالَ: يَا ابْنَ الزَّانِيَةِ. ثُمَّ ادَّعَى الْقَاذِفُ أَنَّ أُمَّ الْمَقْذُوفِ أَمَةً أَوْ نَصْرَانِيَّةً وَالْمَقْذُوفُ يَقُولُ هِيَ حُرَّةٌ مُسْلِمَةٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْقَاذِفِ وَعَلَى الْمَقْذُوفِ الْبَيِّنَةُ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَذَفَ فِي نَفْسِهِ ثُمَّ ادَّعَى الْقَاذِفُ أَنَّ الْمَقْذُوفَ عَبْدٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْقَاذِفِ وَلَا يُكْتَفَى بِحُرِّيَّةِ الْأَصْلِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ الْقَاذِفُ: أَنَا عَبْدٌ وَعَلَيَّ حَدُّ الْعَبِيدِ. وَقَالَ: الْمَقْذُوفُ أَنْتَ حُرٌّ. فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْقَاذِفِ كَذَا فِي الْإِيضَاحِ.
إنْ وَطِئَ جَارِيَةَ ابْنِهِ أَوْ أَحَدِ أَبَوَيْهِ أَوْ أُخْتِهِ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّ مَوْلَاهَا بَاعَهَا مِنْهُ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ فَلَا حَدَّ عَلَى قَاذِفِهِ وَكَذَلِكَ إنْ أَقَامَ شَاهِدًا وَاحِدًا عَلَى الشِّرَاءِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَلَوْ قَذَفَ رَجُلًا وَلَمْ يَكُنْ لِلْمَقْذُوفِ بَيِّنَةٌ عَلَى أَنَّهُ قَذَفَهُ وَأَرَادَ اسْتِحْلَافَهُ بِاَللَّهِ مَا قَذَفَهُ فَإِنَّ الْحَاكِمَ لَا يَسْتَحْلِفُهُ عِنْدَنَا كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
إذَا ادَّعَى عَلَى إنْسَانٍ قَذْفًا فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بِإِقْرَارِ الْقَاذِفِ أَوْ بِبَيِّنَةٍ قَامَتْ عَلَيْهِ يُقَالُ لَهُ أَقِمْ الْبَيِّنَةَ عَلَى صِحَّةِ قَذْفِك وَإِلَّا أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ قَالَ وَإِذَا ضُرِبَ بَعْضُ الْحَدِّ ثُمَّ أَقَامَ الْقَاذِفُ الْبَيِّنَةَ عَلَى صِدْقِهِ سُمِعَتْ بَيِّنَتُهُ وَإِذَا سُمِعَتْ الْبَيِّنَةُ سَقَطَ بَعْضُ الْجَلَدَاتِ وَلَا تَبْطُلُ شَهَادَتُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ سِمَةُ الْفِسْقِ كَذَا فِي الْإِيضَاحِ.
قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ قَذَفَهُ وَجَاءَ بِشَاهِدَيْنِ لِيَشْهَدَا أَنَّ هَذَا قَذَفَ هَذَا فَالْقَاضِي يَسْأَلُ: مِنْ الشَّاهِدَيْنِ عَنْ الْقَذْفِ مَا هُوَ وَكَيْفَ هُوَ فَإِنْ قَالَا نَشْهَدُ أَنَّهُ قَالَ لَهُ: يَا زَانِي. قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا وَيُحَدُّ الْقَاذِفُ إنْ كَانَا عَدْلَيْنِ وَإِنْ كَانَ الْقَاضِي لَا يَعْرِفُ الشُّهُودَ بِالْعَدَالَةِ حَبَسَ الْقَاذِفَ حَتَّى يَتَعَرَّفَ عَنْ عَدَالَةِ الشَّاهِدَيْنِ. وَالْعَدَالَةُ هِيَ الِانْزِجَارُ عَنْ تَعَاطِي مَا يَعْتَقِدُهُ الْإِنْسَانُ مَحْظُورَ دِينِهِ فَإِنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَالَ: يَا زَانِيَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّهُ قَالَ: يَا زَانِيَ يَوْمَ الْخَمِيسِ. قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ وَيُحَدُّ الْقَاذِفُ وَقَالَا لَا تُقْبَلُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَمَا قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَوْلَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ شَهِدَ رَجُلَانِ عَلَى رَجُلٍ بِالْقَذْفِ وَاخْتَلَفَا فِي الْمَكَانِ الَّذِي قُذِفَ فِيهِ وَجَبَ الْحَدُّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجِبُ وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَذَفَهُ يَوْمَ الْخَمِيسِ وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهُ قَذَفَهُ يَوْمَ الْخَمِيسِ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ فِي قَوْلِهِمْ كَذَا فِي فَتَاوَى الْكَرْخِيِّ.
وَلَوْ اخْتَلَفُوا فِي اللُّغَةِ الَّتِي وَقَعَ الْقَذْفُ بِهَا فِي الْعَرَبِيَّةِ وَالْفَارِسِيَّةِ وَغَيْرِهِمَا بَطَلَتْ شَهَادَتُهُمْ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
وَلَوْ أَنَّ جَمَاعَةً قَالُوا رَأَيْنَا فُلَانًا يَزْنِي بِفُلَانَةَ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ لَا حَدَّ عَلَى الْمَقْذُوفِ وَلَا عَلَى الْجَمَاعَةِ وَلَوْ أَنَّ الْجَمَاعَةَ قَالُوا رَأَيْنَا فُلَانًا يَزْنِي بِفُلَانَةَ وَقَطَعُوا الْكَلَامَ ثُمَّ قَالُوا فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ كَانَ عَلَيْهِمْ حَدُّ الْقَذْفِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ ادَّعَى قَذْفًا عَلَى أَحَدٍ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ شَاهِدًا وَاحِدًا فَالْقَاضِي لَا يَحُدُّ الْقَاذِفَ وَهَلْ يَحْبِسَهُ؟ يُنْظَرُ إنْ كَانَ الشَّاهِدُ فَاسِقًا لَا يَحْبِسُهُ وَإِنْ كَانَ عَدْلًا وَقَالَ لِي شَاهِدٌ آخَرُ فِي الْمِصْرِ الْقِيَاسُ أَنْ لَا يَحْبِسَهُ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَحْبِسُهُ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَإِذَا ادَّعَى أَنَّ لَهُ شَاهِدًا آخَرَ خَارِجَ الْمِصْرِ فَكَذَلِكَ لَا يَحْبِسُهُ وَهَذَا إذَا كَانَ الْمَكَانُ الَّذِي فِيهِ الشَّاهِدُ بَعِيدًا مِنْ الْمِصْرِ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ الْإِحْضَارُ فِي مُدَّةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَإِذَا كَانَ قَرِيبًا بِحَيْثُ يُمْكِنُهُ الْإِحْضَارُ فِي مُدَّةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَإِنَّهُ يَحْبِسُهُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
فِي تَجْنِيسِ النَّاصِرِيِّ إذَا ادَّعَى الْقَاذِفُ أَنَّ الْمَقْذُوفَ زَانٍ