أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَإِذَا كَسَا مِسْكِينًا عَنْ كَفَّارَةِ يَمِينِهِ ثُمَّ مَاتَ الْمِسْكِينُ فَوَرِثَهُ هَذَا مِنْهُ وَاشْتَرَاهُ فِي حَيَاتِهِ أَوْ وَهَبَهُ لَهُ لَمْ يُفْسِدْ ذَلِكَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَإِنْ اخْتَارَ الطَّعَامَ فَهُوَ عَلَى نَوْعَيْنِ: طَعَامُ تَمْلِيكٍ وَطَعَامُ إبَاحَةٍ.
طَعَامُ التَّمْلِيكِ أَنْ يُعْطِيَ عَشَرَةَ مَسَاكِينَ كُلَّ مِسْكِينٍ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ حِنْطَةٍ أَوْ دَقِيقٍ أَوْ سَوِيقٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ كَمَا فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ فَإِنْ أَعْطَى عَشَرَةَ مَسَاكِينَ كُلَّ مِسْكِينٍ مُدًّا مُدًّا إنْ أَعَادَ عَلَيْهِمْ مُدًّا مُدًّا جَازَ وَإِنْ لَمْ يَعِدْ اسْتَقْبَلَ الطَّعَامَ وَكَذَا الرَّجُلُ إذَا أَوْصَى أَنْ يُطْعَمَ عَشَرَةُ مَسَاكِينَ كَفَّارَةً لِيَمِينِهِ فَغَدَّى الْوَصِيُّ عَشَرَةَ مَسَاكِينَ فَمَاتَ الْمَسَاكِينُ قَبْلَ أَنْ يُعَشِّيَهُمْ يَلْزَمُهُ الِاسْتِقْبَالُ وَلَا يَضْمَنُ الْوَصِيُّ
رَجُلٌ أَعْطَى كَفَّارَةَ يَمِينِهِ مِسْكَيْنَا وَاحِدًا خَمْسَةَ أَصْوُعٍ لَمْ يَجْزِ إلَّا إذَا أَعْطَى مِسْكِينًا وَاحِدًا فِي عَشْرَةِ أَيَّامٍ فَيَقُومُ عَدَدُ الْأَيَّامِ مَقَامَ عَدَدِ الْمَسَاكِينِ وَإِنْ أَعْطَى مِسْكِينًا حِنْطَةً وَمِسْكِينًا شَعِيرًا جَازَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ.
وَلَوْ أَطْعَمَ خَمْسَةَ مَسَاكِينَ وَكَسَا خَمْسَةَ مَسَاكِينَ فَإِنْ كَانَ الطَّعَامُ طَعَامَ تَمْلِيكٍ جَازَ وَيَكُونُ الْأَغْلَى مِنْهُمَا بَدَلًا عَنْ الْأَرْخَصِ أَيُّهُمَا كَانَ أَغْلَى وَإِنْ كَانَ الطَّعَامُ طَعَامَ الْإِبَاحَةِ إنْ كَانَ الطَّعَامُ أَرْخَصَ جَازَ وَإِنْ كَانَ أَغْلَى لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ فِي الْكُسْوَةِ تَمْلِيكًا وَلَيْسَ فِي الْإِبَاحَةِ تَمْلِيكٌ فَإِذَا كَانَ الطَّعَامُ أَرْخَصَ جَازَ أَنْ يَجْعَلَ الْكُسْوَةُ بَدَلًا عَنْ الطَّعَامِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ عَلَى الْعَكْسِ وَإِنْ اخْتَارَ التَّكْفِيرَ بِطَعَامِ الْإِبَاحَةِ يَجُوزُ عِنْدَنَا.
وَطَعَامُ الْإِبَاحَةِ أَكْلَتَانِ مُشْبِعَتَانِ غَدَاءٌ وَعَشَاءٌ أَوْ غَدَاءَانِ أَوْ عَشَاءَانِ أَوْ عَشَاءٌ وَسُحُورُ وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ غَدَاءً وَعَشَاءً بِخُبْزٍ وَإِدَامٍ وَيُعْتَبَرُ الْإِشْبَاعُ دُونَ مِقْدَارِ الطَّعَامِ وَلَوْ قَدَّمَ ثَلَاثَةَ أَرْغِفَةٍ بَيْنَ يَدَيْ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ فَأَكَلُوا وَشَبِعُوا جَازَ يُرْوَى ذَلِكَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنْ كَانَ وَاحِدٌ مِنْ الْعَشَرَةِ شَبْعَانَ اخْتَلَفُوا فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ: إنْ أَكَلَ مِنْ ذَلِكَ مِقْدَارَ مَا أَكَلَ غَيْرُهُ جَازَ وَقَالَ: بَعْضُهُمْ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ إشْبَاعُ الْعَشَرَةِ وَإِنْ غَدَّاهُمْ وَعَشَّاهُمْ وَفِيهِمْ صَبِيٌّ فَطِيمٌ لَمْ يَجُزْ وَعَلَيْهِ أَنْ يُطْعِمَ مِسْكِينًا آخَرَ مَكَانَهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
فَإِنْ أَطْعَمَهُمْ بِغَيْرِ إدَامٍ إنْ كَانَ مِنْ خُبْزِ الْحِنْطَةِ أَجْزَأَهُ وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِدَامِ فَإِنْ أَطْعَمَهُمْ خُبْزًا وَتَمْرًا أَوْ سَوِيقًا وَتَمْرًا أَوْ سَوِيقًا لَا غَيْرُ أَجْزَأَهُ إذَا كَانَ مِنْ طَعَامِ أَهْلِهِ وَإِنْ أَطْعَمَ مِسْكِينًا وَاحِدًا عَشْرَةَ أَيَّامٍ غَدَاءً وَعَشَاءً أَجْزَأَهُ وَإِنْ لَمْ يَأْكُلْ إلَّا رَغِيفًا وَاحِدًا فِي كُلِّ يَوْمٍ أَكْلَةً وَلَوْ غَدَّى عَشَرَةً وَعَشَّى عَشَرَةً غَيْرَهُمْ لَمْ يُجْزِئْ وَكَذَا إذَا غَدَّى مِسْكِينًا وَعَشَّى آخَرَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ لَمْ يُجْزِئْ وَلَوْ فَرَّقَ حِصَّةَ الْمِسْكِينِ عَلَى مِسْكِينَيْنِ لَا يَجُوزُ وَلَوْ غَدَّى مِسْكِينًا وَأَعْطَاهُ قِيمَةَ الْعَشَاءِ فُلُوسًا أَوْ دَرَاهِمَ أَجْزَأَهُ وَكَذَا إذَا فَعَلَ ذَلِكَ فِي عَشَرَةِ مَسَاكِينَ فَغَدَّاهُمْ وَأَعْطَاهُمْ قِيمَةَ عَشَائِهِمْ فُلُوسًا أَوْ دَرَاهِمَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَلَوْ غَدَّى عَشَرَةً فِي يَوْمٍ ثُمَّ أَعْطَاهُمْ مُدًّا مُدًّا مِنْ حِنْطَةٍ أَجْزَأَهُ قَالَ هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ غَدَّى مِسْكِينًا عِشْرِينَ يَوْمًا أَوْ عَشَّاهُ فِي رَمَضَانَ عِشْرِينَ لَيْلَةً أَجْزَأَهُ وَلَوْ صَامَ عَنْ كَفَّارَةِ يَمِينِهِ وَفِي مِلْكِهِ طَعَامٌ أَوْ عَبْدٌ قَدْ نَسِيَهُ ثُمَّ تَذَكَّرَ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يُجْزِئْهُ الصَّوْمُ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَلَوْ أَطْعَمَ خَمْسَةَ مَسَاكِينَ ثُمَّ افْتَقَرَ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الصِّيَامَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
إذَا أَعْطَى كَفَّارَةَ الْيَمِينِ عَشَرَةَ مَسَاكِينَ كُلَّ مِسْكِينٍ مُدًّا مُدًّا ثُمَّ اسْتَغْنَوْا ثُمَّ افْتَقَرُوا ثُمَّ أَعَادَ عَلَيْهِمْ مُدًّا مُدًّا عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجُوزُ ذَلِكَ كَمَا لَوْ أَدَّى إلَى مُكَاتَبٍ مُدًّا ثُمَّ رَدَّ الرِّقَّ ثُمَّ كُوتِبَ ثَانِيًا ثُمَّ أَعْطَاهُ مُدًّا لَا يَجُوزُ ذَلِكَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ أَعْطَى الرَّجُلُ عَشَرَةَ مَسَاكِينَ كُلَّ مِسْكِينٍ أَلْفَ مَنٍّ مِنْ الْحِنْطَةِ عَنْ كَفَّارَةِ الْأَيْمَانِ لَا يَجُوزُ إلَّا عَنْ كَفَّارَةٍ وَاحِدَةٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
مَنْ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ إذَا وَضَعَ خَمْسَةَ أَصْوُعٍ مِنْ طَعَامٍ بَيْنَ يَدَيْ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ فَاسْتَلَبُوهَا انْتَهَبُوهَا أَجْزَأَهُ عَنْ مِسْكِينٍ وَاحِدٍ لَا غَيْرُ كَذَا فِي