حَلَفَ أَحَدُهُمَا بِعِتْقِهِ أَنَّهُ قَدْ دَخَلَ الدَّارَ وَحَلَفَ الْآخَرُ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فَقَدْ عَتَقَ نِصْفُ الْعَبْدِ وَسَعَى الْعَبْدُ فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ بَيْنَهُمَا مُوسِرَيْنِ كَانَا أَوْ مُعْسِرَيْنِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْإِيضَاحِ.

عَبْدٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: إنْ كُنْتُ اشْتَرَيْتُ مِنْكَ نَصِيبَكَ أَمْسِ فَهُوَ حُرٌّ، وَقَالَ الْآخَرُ إنْ لَمْ أَكُنْ بِعْتُكَ نَصِيبِي أَمْسِ فَهُوَ حُرٌّ فَإِنَّ الْعَبْدَ يُعْتَقُ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَزْعُمُ أَنَّ صَاحِبَهُ حَانِثٌ، فَيُقَالُ لِمُدَّعِي الْبَيْعَ أَقِمْ الْبَيِّنَةَ فَإِنْ أَقَامَ قُضِيَ بِالْبَيْعِ وَالثَّمَنِ وَعَتَقَ الْعَبْدُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِغَيْرِ سِعَايَةٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ وَأَرَادَ أَنْ يَحْلِفَ الْمُشْتَرِي فَلَهُ ذَلِكَ فَإِنْ نَكَلَ الْمُشْتَرِي فَكَذَلِكَ، وَإِنْ حَلَفَ لَا يَتْرُكُ رَقِيقًا، ثُمَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَسْعَى الْعَبْدُ فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ لِلْمُنْكِرِ سَوَاءٌ كَانَا مُوسِرَيْنِ أَوْ مُعْسِرَيْنِ أَوْ كَانَ الْمُدَّعِي لِلْبَيْعِ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا وَعِنْدَهُمَا إنْ كَانَا مُعْسِرَيْنِ أَوْ كَانَ مُدَّعِي الْبَيْعَ مُعْسِرًا فَكَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَا مُوسِرَيْنِ أَوْ كَانَ مُدَّعِي الْبَيْعَ مُوسِرًا لَا يَسْعَى وَأَمَّا مُدَّعِي الْبَيْعَ فَقَدْ ذُكِرَ فِي رِوَايَةِ أَبِي حَفْصٍ أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَسْعَى لَهُ سَوَاءٌ كَانَا مُوسِرَيْنِ أَوْ مُعْسِرَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا مُوسِرًا وَالْآخَرُ مُعْسِرًا عِنْدَهُمْ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، ثُمَّ إذَا حَلَفَ مُنْكِرُ الشِّرَاءِ كَانَ لَهُ أَنْ يُحَلِّفَ الْبَائِعَ إذَا كَانَ مُوسِرًا فَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ.

وَإِنْ حَلَفَ كَانَ الْجَوَابُ كَالسِّعَايَةِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا وَلَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يُحَلِّفَهُ إلَّا بِطَلَبِ مُنْكِرِ الشِّرَاءِ وَإِذَا قَالَ الْبَائِعُ: إنْ كُنْتُ بِعْتُكَ نَصِيبِي مِنْ هَذَا الْعَبْدِ فَهُوَ حُرٌّ، وَقَالَ الْمُشْتَرِي إنْ لَمْ تَكُنْ بِعْتَنِي نَصِيبَكَ فَهُوَ حُرٌّ يُؤْمَرُ مُدَّعِي الشِّرَاءَ بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ فَإِنْ أَقَامَ فَالْعَبْدُ رَقِيقٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ حُكِيَ عَنْ الْفَقِيه أَبِي إِسْحَاقَ أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْحَلِفِ لَكِنْ لَوْ حَلَفَ لَا يَمْنَعُهُ وَإِذَا حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَمْ يَثْبُتْ الْبَيْعُ فَيَسْعَى الْعَبْدُ فِي كُلِّ الْقِيمَةِ بَيْنَهُمَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مُوسِرَيْنِ كَانَا أَوْ مُعْسِرَيْنِ وَعِنْدَهُمَا إنْ كَانَا مُعْسِرَيْنِ يَسْعَى لَهُمَا، وَإِنْ كَانَا مُوسِرَيْنِ أَوْ مُدَّعِي الشِّرَاءَ مُوسِرًا يَسْعِي فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ لِمُدَّعِي الشِّرَاءِ، وَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا: اشْتَرَيْتُ نَصِيبَكَ إنْ لَمْ أَكُنْ اشْتَرَيْتُهُ فَهُوَ حُرٌّ وَالْآخَرُ: مَا بِعْتُ نَصِيبِي مِنْكَ وَإِنَّمَا اشْتَرَيْتُ مِنْكَ نَصِيبَكَ إنْ كُنْتَ بِعْتَهُ فَهُوَ حُرٌّ يَأْمُرُهُمَا الْقَاضِي بِالْبَيِّنَةِ فَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ ظَهَرَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَارٌّ فِي يَمِينِهِ وَبَقِيَ الْعَبْدُ رَقِيقًا بَيْنَهُمَا، وَإِنْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا الْبَيِّنَةَ فَالْعَبْدُ كُلُّهُ رَقِيقٌ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يُقِيمَا الْبَيِّنَةَ لَا يُحَلِّفُهُمَا الْقَاضِي لَكِنْ لَوْ حَلَفَ جَازَ فَإِنْ نَكَلَا بَقِيَ الْعَبْدُ رَقِيقًا بَيْنَهُمَا كَمَا لَوْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ وَأَيُّهُمَا نَكَلَ لَزِمَهُ دَعْوَى صَاحِبِهِ فَيَقْضِي بِالْعَبْدِ لِلَّذِي حَلَفَ، وَإِنْ حَلَفَا جَمِيعًا يَخْرُجُ الْعَبْدُ عَنْ السِّعَايَةِ بِالْعِتْقِ كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْحَصِيرِيِّ

وَفِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ إنَّ أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ إذَا قَالَ لِصَاحِبِهِ إنْ ضَرَبْتَ الْعَبْدَ الَّذِي بَيْنَنَا فَهُوَ حُرٌّ فَضَرَبَهُ حَتَّى عَتَقَ عَلَى الْحَالِفِ نَصِيبُهُ يُضَمِّنُ الْحَالِفَ إنْ كَانَ مُوسِرًا نَصِيبَ الضَّارِبِ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ.

عَبْدٌ بَيْنَهُمَا قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: إنْ ضَرَبْتَهُ فَهُوَ حُرٌّ، وَقَالَ الْآخَرَانِ لَمْ أَضْرِبْهُ الْيَوْمَ فَهُوَ حُرٌّ فَضَرَبَهُ فَإِنَّ الْحَالِفَ الْأَوَّلَ يَضْمَنُ نَصِيبَ الضَّارِبِ كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ.

وَإِذَا قَالَ: كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ فِيمَا اسْتَقْبَلَ فَهُوَ حُرٌّ فَمَلَكَ مَمْلُوكًا مَعَ غَيْرِهِ لَا يُعْتَقُ فَإِنْ اشْتَرَى نَصِيبَ شَرِيكِهِ عَتَقَ، وَإِنْ بَاعَ نَصِيبَهُ أَوَّلًا، ثُمَّ اشْتَرَى نَصِيبَ شَرِيكِهِ لَمْ يُعْتَقْ وَلَوْ قَالَ لِمَمْلُوكٍ بِعَيْنِهِ: إذَا مَلَكْتُكَ فَأَنْت حُرٌّ فَاشْتَرَى نِصْفَهُ، ثُمَّ بَاعَ، ثُمَّ اشْتَرَى النِّصْفَ الْبَاقِيَ عَتَقَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَذَكَرَ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي عَبْدٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ زَعَمَ أَحَدُهُمَا أَنَّ صَاحِبَهُ أَعْتَقَهُ مُنْذُ سَنَةٍ وَأَنَّهُ هُوَ أَعْتَقَهُ الْيَوْمَ، وَقَالَ شَرِيكُهُ لَمْ أَعْتِقْهُ وَقَدْ أَعْتَقْتَ أَنْتِ الْيَوْمَ فَاضْمَنْ لِي نِصْفَ الْقِيمَةِ بِعِتْقِكَ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الَّذِي زَعَمَ أَنَّ صَاحِبَهُ أَعْتَقَهُ مُنْذُ سَنَةٍ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: أَنَا أَعْتَقْتُهُ أَمْسِ وَأَعْتَقَهُ صَاحِبِي مُنْذُ سَنَةٍ، وَإِنْ لَمْ يُقِرَّ بِإِعْتَاقِ نَفْسِهِ لَكِنْ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ أَمْسِ فَهُوَ ضَامِنٌ لِشَرِيكِهِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ قَالَ: أَعْتَقَهُ شَرِيكِي مُنْذُ شَهْرٍ وَأَنَا مُنْذُ يَوْمَيْنِ لَمْ يَضْمَنْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015