مَنْ كَانَ يُحْرِزُ جَمِيعَ الْمِيرَاثِ، وَهُوَ مُعْسِرٌ يُجْعَلُ كَالْمَيِّتِ وَإِذَا جُعِلَ كَالْمَيِّتِ كَانَتْ النَّفَقَةُ عَلَى الْبَاقِينَ عَلَى قَدْرِ مَوَارِيثِهِمْ، وَكُلُّ مَنْ كَانَ يُحْرِزُ بَعْضَ الْمِيرَاثِ لَا يُجْعَلُ كَالْمَيِّتِ فَكَانَتْ النَّفَقَةُ عَلَى قَدْرِ مَوَارِيثِ مَنْ كَانَ يَرِثُ مَعَهُ، بَيَانُ هَذَا الْأَصْلِ: رَجُلٌ مُعْسِرٌ عَاجِزٌ عَنْ الْكَسْبِ، وَلَهُ ابْنٌ مُعْسِرٌ عَاجِزٌ عَنْ الْكَسْبِ، أَوْ هُوَ صَغِيرٌ، وَلَهُ ثَلَاثَةُ إخْوَةٍ مُتَفَرِّقِينَ، فَنَفَقَةُ الْأَبِ عَلَى أَخِيهِ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ، وَعَلَى أَخِيهِ لِأُمِّهِ أَسْدَاسًا سُدُسٌ مِنْ النَّفَقَةِ عَلَى الْأَخِ لِأُمٍّ وَخَمْسَةُ أَسْدَاسِهَا عَلَى الْأَخِ لِأَبٍ وَأُمٍّ، وَنَفَقَةُ الْوَلَدِ عَلَى الْأَخِ لِأَبٍ وَأُمٍّ خَاصَّةً، وَلَوْ كَانَ لِلرَّجُلِ ثَلَاثُ أَخَوَاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ كَانَتْ نَفَقَتُهُ عَلَيْهِنَّ أَخْمَاسًا ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِهَا عَلَى الْأُخْتِ لِأَبٍ وَأُمٍّ، وَخُمُسٌ عَلَى الْأُخْتِ لِأَبٍ، وَخُمُسٌ عَلَى الْأُخْتِ لِأُمٍّ عَلَى قَدْرِ مَوَارِيثِهِنَّ، وَنَفَقَةُ الِابْنِ عَلَى عَمَّتِهِ لِأَبٍ وَأُمٍّ، وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الِابْنِ بِنْتٌ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَنَفَقَةُ الْأَبِ فِي الْإِخْوَةِ الْمُتَفَرِّقِينَ عَلَى أَخِيهِ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ فِي الْأَخَوَاتِ الْمُتَفَرِّقَاتِ عَلَى أُخْتِهِ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ، وَكَذَلِكَ نَفَقَةُ الْبِنْتِ عَلَى الْعَمِّ لِأَبٍ وَأُمٍّ، أَوْ عَلَى الْعَمَّةِ لِأَبٍ وَأُمٍّ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
الْأَبُ مَعَ الِابْنِ إذَا اخْتَلَفَا فِي الْيَسَارِ قَالَ الِابْنُ: هُوَ غَنِيٌّ، وَلَيْسَ عَلَيَّ نَفَقَتُهُ، وَقَالَ الْأَبُ: أَنَا مُعْسِرٌ ذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى: أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الِابْنِ وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْأَبِ، وَلَمْ يُقْبَلْ قَوْلُ الْأَبِ إنَّهُ مُعْسِرٌ، وَإِنْ كَانَ الظَّاهِرُ شَاهِدًا لَهُ، وَإِنْ كَانَ أَقَرَّ الِابْنُ أَنَّهُ كَانَ عَبْدًا، ثُمَّ عَتَقَ، فَعَلَيْهِ النَّفَقَةُ، وَلَوْ أَنْفَقَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ مَالِ الِابْنِ، ثُمَّ خَاصَمَهُ الِابْنُ فَقَالَ: أَنْفَقْتَهُ، وَأَنْتَ مُوسِرٌ، وَقَالَ الْأَبُ: فَعَلْتُهُ، وَأَنَا مُعْسِرٌ قَالَ: اُنْظُرْ إلَى حَالِ الْأَبِ يَوْمَ الْخُصُومَةِ إنْ كَانَ مُعْسِرًا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ اسْتِحْسَانًا فِي نَفَقَةِ مِثْلِهِ، وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الِابْنِ، وَلَوْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الِابْنِ هَذَا فِي إطْلَاقِ الْمُنْتَقَى كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
إذَا فُرِضَ عَلَى الِابْنِ نَفَقَةُ الْأَبِ وَكِسْوَتُهُ وَأَعْطَى نَفَقَةَ شَهْرٍ وَكِسْوَةَ سَنَةٍ، وَقَالَ الْأَبُ: ضَاعَتْ إنْ عُلِمَ أَنَّهُ صَادِقٌ يُجْبَرُ ثَانِيًا، وَكَذَا سَائِرُ الْمَحَارِمِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
إذَا كَانَ الْأَبُ مُحْتَاجًا وَأَبَى الِابْنُ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ ثَمَّةَ قَاضٍ يَرْفَعُ الْأَمْرَ إلَيْهِ لَهُ أَنْ يَسْرِقَ مَالَ ابْنِهِ وَبِوُجُودِ قَاضٍ ثَمَّةَ يَأْثَمُ بِسَرِقَةِ مَالِهِ وَبِإِعْطَاءِ الِابْنِ مَالًا يَكْفِيهِ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ إلَى أَنْ تَقَعَ الْكِفَايَةُ وَبِسَرِقَةٍ فَوْقَ الْكِفَايَةِ يَأْثَمُ، وَكَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ مُحْتَاجًا، وَلَمْ تَكُنْ نَفَقَتُهُ عَلَيْهِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَسْرِقَ مَالَ ابْنِهِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَإِنْ كَانَ لِلْأَبِ مَسْكَنٌ، أَوْ دَابَّةٌ فَالْمَذْهَبُ عِنْدَنَا أَنْ تُفْرَضَ النَّفَقَةُ عَلَى الِابْنِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي الْمَسْكَنِ فَضْلٌ نَحْوُ أَنْ يَكْفِيَهُ أَنْ يَسْكُنَ فِي نَاحِيَةٍ مِنْهُ فَحِينَئِذٍ يُؤْمَرُ الْأَبُ بِبَيْعِ الْفَضْلِ، وَالْإِنْفَاقِ عَلَى نَفْسِهِ، فَإِذَا آلَ الْأَمْرُ إلَى النَّاحِيَةِ الَّتِي يَسْكُنُهَا الْأَبُ تُفْرَضُ نَفَقَتُهُ عَلَى الِابْنِ حِينَئِذٍ، وَكَذَا إذَا كَانَتْ لِلْأَبِ دَابَّةٌ نَفِيسَةٌ يُؤْمَرُ أَنْ يَبِيعَ وَيَشْتَرِيَ الْأَوْكَسَ وَيُنْفِقَ الْفَضْلَ عَلَى نَفْسِهِ، فَإِذَا آلَ الْأَمْرُ إلَى الْأَوْكَسِ تُفْرَضُ النَّفَقَةُ عَلَى الِابْنِ وَيَسْتَوِي فِي هَذَا الْوَالِدَانِ وَالْمَوْلُودُونَ وَسَائِرُ الْمَحَارِمِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَا تَجِبُ النَّفَقَةُ مَعَ اخْتِلَافِ الدِّينِ إلَّا لِلزَّوْجَةِ وَالْأَبَوَيْنِ وَالْأَجْدَادِ وَالْوَلَدِ وَوَلَدِ الْوَلَدِ، وَلَا تَجِبُ عَلَى النَّصْرَانِيِّ نَفَقَةُ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ، وَكَذَلِكَ لَا تَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ نَفَقَةُ