فَوَقَعَ مَسْحُهُ عَلَى رَأْسِ الذُّؤَابَةِ بَعْضُ مَشَايِخِنَا قَالُوا بِالْجَوَازِ إذَا لَمْ يُرْسِلْهُمَا؛ لِأَنَّهُ مَسَحَ عَلَى شَعْرٍ تَحْتَهُ الرَّأْسُ وَعَامَّتُهُمْ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَرْسَلَهُمَا أَوْ لَمْ يُرْسِلْهُمَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَمَسْحُ الْأُذُنَيْنِ لَا يَنُوبُ عَنْ مَسْحِ الرَّأْسِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
وَلَوْ كَانَ فِي كَفِّهِ بَلَلٌ فَمَسَحَ بِهِ أَجْزَأَهُ سَوَاءٌ كَانَ أَخَذَ الْمَاءَ مِنْ الْإِنَاءِ أَوْ غَسَلَ ذِرَاعَيْهِ وَبَقِيَ بَلَلٌ فِي كَفِّهِ هُوَ الصَّحِيحُ بِخِلَافِ مَا إذَا مَسَحَ رَأْسَهُ أَوْ خُفَّهُ وَبَقِيَ عَلَى كَفِّهِ بَلَلٌ فَمَسَحَ بِهِ رَأْسَهُ أَوْ خُفَّهُ لَا يَجُوزُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَإِذَا أَخَذَ الْبَلَلَ مِنْ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهِ لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ بِهِ مَغْسُولًا كَانَ ذَلِكَ الْعُضْوُ أَوْ مَمْسُوحًا. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَمَنْ مَسَحَ رَأْسَهُ بِالثَّلْجِ أَجْزَأَهُ مُطْلَقًا وَلَمْ يَفْصِلُوا بَيْنَ بَلَلٍ قَاطِرٍ أَوْ غَيْرِ قَاطِرٍ. كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْبُرْهَانِيَّةِ.
وَإِذَا غَسَلَ الرَّأْسَ مَعَ الْوَجْهِ أَجْزَأَهُ عَنْ الْمَسْحِ وَلَكِنْ يُكْرَهُ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ مَا أُمِرَ بِهِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِنْ كَانَ بَعْضُ رَأْسِهِ مَحْلُوقًا فَمَسَحَ عَلَى غَيْرِ الْمَحْلُوقِ جَازَ. كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
وَفِي الْحُجَّةِ وَلَوْ لَمْ يَمْسَحْ مُقَدَّمَ رَأْسِهِ وَلَكِنْ مَسَحَ مُؤَخَّرَهُ أَوْ يَمِينَهُ أَوْ يَسَارَهُ أَوْ وَسَطَهُ يَجُوزُ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَلَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى الْقَلَنْسُوَةِ وَالْعِمَامَةِ وَكَذَا لَوْ مَسَحَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى الْخِمَارِ إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَاءُ مُتَقَاطِرًا بِحَيْثُ يَصِلُ إلَى الشَّعْرِ فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ ذَلِكَ عَنْ الشَّعْرِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ هَذَا إذَا لَمْ يَتَلَوَّنْ الْمَاءُ. هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَالْأَفْضَلُ أَنْ تَمْسَحَ تَحْتَ الْخِمَارِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَإِنْ كَانَ عَلَى رَأْسِهَا خِضَابٌ فَمَسَحَتْ عَلَى الْخِضَابِ إذَا اخْتَلَطَتْ الْبَلَّةُ بِالْخِضَابِ وَخَرَجَتْ عَنْ حُكْمِ الْمَاءِ الْمُطْلَقِ لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الْفَصْلُ الثَّانِي فِي سُنَنِ الْوُضُوءِ) وَهِيَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْمُتُونِ.
(مِنْهَا التَّسْمِيَةُ) التَّسْمِيَةُ سُنَّةٌ مُطْلَقًا غَيْرُ مُقَيَّدٍ بِالْمُسْتَيْقِظِ وَتُعْتَبَرُ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الْوُضُوءِ حَتَّى لَوْ نَسِيَهَا ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَ غَسْلِ الْبَعْضِ وَسَمَّى لَا يَكُونُ مُقِيمًا لِلسُّنَّةِ بِخِلَافِ الْأَكْلِ وَنَحْوِهِ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ.
فَإِنْ نَسِيَهَا فِي أَوَّلِ الطَّهَارَةِ أَتَى بِهَا مَتَى ذَكَرَهَا قَبْلَ الْفَرَاغِ حَتَّى لَا يَخْلُوَ الْوُضُوءُ عَنْهَا. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَيُسَمِّي قَبْلَ الِاسْتِنْجَاءِ وَبَعْدَهُ هُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَلَا يُسَمِّي فِي حَالِ الِانْكِشَافِ وَلَا فِي مَحَلِّ النَّجَاسَةِ. هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
قَالَ الطَّحَاوِيُّ وَالْأُسْتَاذُ الْعَلَّامَةُ مَوْلَانَا فَخْرُ الدِّينِ الْمَايَمُرْغِيُّ الْمَنْقُولُ عَنْ السَّلَفِ فِي تَسْمِيَةِ الْوُضُوءِ بِاسْمِ اللَّهِ الْعَظِيمِ وَالْحَمْدِ لِلَّهِ عَلَى دِينِ الْإِسْلَامِ وَفِي الْخَبَّازِيَّةِ هُوَ الْمَرْوِيُّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ.
وَلَوْ قَالَ فِي ابْتِدَاءِ الْوُضُوءِ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، أَوْ الْحَمْدُ لِلَّهِ، أَوْ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ صَارَ مُقِيمًا لِسُنَّةِ التَّسْمِيَةِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
(وَمِنْهَا) غَسْلُ الْيَدَيْنِ إلَى الرُّسْغَيْنِ ثَلَاثًا ابْتِدَاءً، وَقِيلَ: إنَّهُ فَرْضٌ وَتَقْدِيمُهُ سُنَّةٌ وَاخْتَارَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالْمِعْرَاجِ وَالْخَبَّازِيَّةِ وَإِلَيْهِ يُشِيرُ قَوْلُ مُحَمَّدٍ فِي الْأَصْلِ. هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَكَيْفِيَّتُهُ، إنْ كَانَ الْإِنَاءُ صَغِيرًا أَنْ يَأْخُذَهُ بِشِمَالِهِ وَيَصُبَّ الْمَاءَ عَلَى يَمِينِهِ ثَلَاثًا ثُمَّ يَأْخُذَهُ بِيَمِينِهِ وَيَصُبَّهُ عَلَى يَسَارِهِ كَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ كَبِيرًا كَالْحُبِّ إنْ كَانَ مَعَهُ إنَاءٌ صَغِيرٌ يَفْعَلُ مَا ذَكَرْنَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَدْخَلَ أَصَابِعَ يَدِهِ الْيُسْرَى مَضْمُومَةً فِي الْإِنَاءِ وَيَصُبُّ عَلَى كَفِّهِ الْيُمْنَى وَيُدَلِّكُ الْأَصَابِعَ بَعْضَهَا بِبَعْضٍ حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ يُدْخِلَ الْيُمْنَى فِي الْإِنَاءِ وَيَغْسِلَ الْيُسْرَى. كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَهَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ عَلَى يَدِهِ نَجَاسَةٌ فَإِنْ كَانَتْ يَحْتَالُ بِحِيلَةٍ أُخْرَى كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَاخْتَلَفُوا أَنَّهُ يَغْسِلُ يَدَيْهِ قَبْلَ الِاسْتِنْجَاءِ أَوْ بَعْدَهُ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَغْسِلُهُمَا مَرَّتَيْنِ مَرَّةً قَبْلَ الِاسْتِنْجَاءِ وَمَرَّةً بَعْدَهُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
(وَمِنْهَا الْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ) وَالسُّنَّةُ أَنْ يَتَمَضْمَضَ ثَلَاثًا أَوَّلًا ثُمَّ يَسْتَنْشِقَ ثَلَاثًا وَيَأْخُذَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَاءً جَدِيدًا فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَحَدُّ الْمَضْمَضَةِ اسْتِيعَابُ الْمَاءِ جَمِيعَ الْفَمِ وَحَدُّ الِاسْتِنْشَاقِ أَنْ يَصِلَ الْمَاءُ إلَى الْمَارِنِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
إنْ تَرَكَ الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ أَثِمَ عَلَى الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ سُنَنِ