الْفَرَائِضُ جَمْعُ فَرِيضَةٍ مِنْ الْفَرْضِ وَهُوَ فِي اللُّغَةِ التَّقْدِيرُ وَالْقَطْعُ وَالْبَيَانُ وَفِي الشَّرْعِ مَا ثَبَتَ بِدَلِيلٍ مَقْطُوعٍ بِهِ وَسُمِّيَ هَذَا النَّوْعُ مِنْ الْفِقْهِ فَرَائِضَ لِأَنَّهُ سِهَامٌ مُقَدَّرَةٌ مَقْطُوعَةٌ مُبَيَّنَةٌ ثَبَتَتْ بِدَلِيلٍ مَقْطُوعٍ بِهِ فَقَدْ اشْتَمَلَ عَلَى الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ وَالشَّرْعِيِّ، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ وَالْإِرْثُ فِي اللُّغَةِ الْبَقَاءُ وَفِي الشَّرْعِ انْتِقَالُ مَالِ الْغَيْرِ إلَى الْغَيْرِ عَلَى سَبِيلِ الْخِلَافَةِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
التَّرِكَةُ تَتَعَلَّقُ بِهَا حُقُوقٌ أَرْبَعَةٌ: جِهَازُ الْمَيِّتِ وَدَفْنُهُ وَالدَّيْنُ وَالْوَصِيَّةُ وَالْمِيرَاثُ. فَيُبْدَأُ أَوَّلًا بِجَهَازِهِ وَكَفَنِهِ وَمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ فِي دَفْنِهِ بِالْمَعْرُوفِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ حَقٌّ تَعَلَّقَ بِعَيْنٍ كَالرَّهْنِ وَالْعَبْدِ الْجَانِي فَإِنَّ الْمُرْتَهِنَ وَوَلِيَّ الْجِنَايَةِ أَوْلَى بِهِ مِنْ تَجْهِيزِهِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَيُكَفَّنُ فِي مِثْلِ مَا كَانَ يَلْبَسُ مِنْ الثِّيَابِ الْحَلَالِ حَالَ حَيَاتِهِ عَلَى قَدْرِ التَّرِكَةِ مِنْ غَيْرِ تَقْتِيرٍ وَلَا تَبْذِيرٍ، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ ثُمَّ بِالدَّيْنِ وَأَنَّهُ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ الْكُلُّ دُيُونَ الصِّحَّةِ أَوْ دُيُونَ الْمَرَضِ، أَوْ كَانَ الْبَعْضُ دَيْنَ الصِّحَّةِ وَالْبَعْضُ دَيْنَ الْمَرَضِ، فَإِنْ كَانَ الْكُلُّ دُيُونَ الصِّحَّةِ أَوْ دُيُونَ الْمَرَضِ فَالْكُلُّ سَوَاءٌ لَا يُقَدَّمُ الْبَعْضُ عَلَى الْبَعْضِ، وَإِنْ كَانَ الْبَعْضُ دَيْنَ الصِّحَّةِ وَالْبَعْضُ دَيْنَ الْمَرَضِ يُقَدَّمُ دَيْنُ الصِّحَّةِ إذَا كَانَ دَيْنُ الْمَرَضِ ثَبَتَ بِإِقْرَارِ الْمَرِيضِ، وَأَمَّا مَا ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِالْمُعَايَنَةِ فَهُوَ وَدَيْنُ الصِّحَّةِ سَوَاءٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ ثُمَّ تُنَفَّذُ وَصَايَاهُ مِنْ ثُلُثِ مَا يَبْقَى بَعْدَ الْكَفَنِ وَالدَّيْنِ إلَّا أَنْ تُجِيزَ الْوَرَثَةُ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ ثُمَّ يُقَسَّمُ الْبَاقِي بَيْنَ الْوَرَثَةِ عَلَى سِهَامِ الْمِيرَاثِ، وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بِشَيْءٍ بِعَيْنِهِ، فَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْوَصِيَّةُ شَائِعَةً نَحْوَ الْوَصِيَّةِ بِالثُّلُثِ أَوْ الرُّبُعِ لَا تُقَدَّمُ الْوَصِيَّةُ عَلَى الْمِيرَاثِ بَلْ يَكُونُ الْمُوصَى لَهُ شَرِيكَ الْوَرَثَةِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَزْدَادُ بِزِيَادَةِ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ وَيَنْتَقِصُ حَقُّهُ بِنُقْصَانِ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَيُسْتَحَقُّ الْإِرْثُ بِإِحْدَى خِصَالٍ ثَلَاثٍ: بِالنَّسَبِ وَهُوَ الْقَرَابَةُ، وَالسَّبَبِ وَهُوَ الزَّوْجِيَّةُ، وَالْوَلَاءِ وَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ: وَلَاءُ عَتَاقَةٍ وَوَلَاءُ مُوَالَاةٍ وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا يَرِثُ الْأَعْلَى مِنْ الْأَسْفَلِ وَلَا يَرِثُ الْأَسْفَلُ مِنْ الْأَعْلَى إلَّا إذَا شَرَطَ فَقَالَ: إنْ مِتُّ فَمَالِي مِيرَاثٌ لَك؛ فَحِينَئِذٍ يَرِثُ الْأَسْفَلُ مِنْ الْأَعْلَى، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَالْوَارِثُونَ أَصْنَافٌ ثَلَاثَةٌ: أَصْحَابُ الْفَرَائِضِ وَالْعَصَبَاتُ وَذَوُو الْأَرْحَامِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَالْمُسْتَحَقُّونَ لِلتَّرِكَةِ عَشَرَةُ أَصْنَافٍ مُرَتَّبَةٌ، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ فَيُبْدَأُ بِذِي الْفَرْضِ ثُمَّ بِالْعَصَبَةِ النِّسْبِيَّةِ ثُمَّ بِالْعَصَبَةِ السَّبَبِيَّةِ وَهُوَ مَوْلَى الْعَتَاقَةِ، ثُمَّ عَصَبَةِ مَوْلَى الْعَتَاقَةِ ثُمَّ الرَّدِّ عَلَى ذَوِي الْفُرُوضِ النِّسْبِيَّةِ بِقَدْرِ حُقُوقِهِمْ، ثُمَّ ذَوِي الْأَرْحَامِ ثُمَّ مَوْلَى الْمُوَالَاةِ ثُمَّ الْمُقَرُّ لَهُ بِالنَّسَبِ عَلَى الْغَيْرِ بِحَيْثُ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ بِإِقْرَارِهِ مِنْ ذَلِكَ الْغَيْرِ إذَا مَاتَ الْمُقِرُّ مُصِرًّا عَلَى إقْرَارِهِ، كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِأَخٍ أَوْ أُخْتٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ ثُمَّ الْمُوصَى لَهُ بِجَمِيعِ الْمَالِ ثُمَّ بَيْتِ الْمَالِ، كَذَا فِي الْكَافِي.
(الْبَابُ الثَّانِي فِي ذَوِي الْفُرُوضِ) وَهُمْ كُلُّ مَنْ كَانَ لَهُ سَهْمٌ مُقَدَّرٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ فِي سُنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ أَوْ بِالْإِجْمَاعِ.