فَإِنْ خَافَ أَنْ لَا يَفْعَلَ ذَلِكَ الرَّجُلُ مَا قُلْنَا وَيُمْسِكَ ذَلِكَ الشَّيْءَ لِنَفْسِهِ وَلَا يَبِيعَهُ وَلَا يَصْرِفَ ثَمَنَهُ فِي الْوَجْهِ الَّذِي قَالَ، فَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَبِيعَ تِلْكَ الْعَيْنَ مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ بِشَيْءٍ مَلْفُوفٍ وَيَكُونَ الْمَلْفُوفُ مَعِيبًا بِقَلِيلِ عَيْبٍ وَلَا يَرَى الْبَائِعُ الْمَلْفُوفَ وَلَا يَرْضَى بِالْعَيْبِ وَيُوصِي إلَى إنْسَانٍ أَنْ يَرَى ذَلِكَ الشَّيْءَ الْمَعِيبَ بَعْدَ وَفَاتِهِ فَيَرُدَّهُ الْوَصِيُّ بِالْعَيْبِ إذَا امْتَنَعَ مُشْتَرِي ذَلِكَ الشَّيْءِ عَنْ الْبَيْعِ فَيَعُودُ ذَلِكَ الشَّيْءُ إلَى مِلْكِ وَرَثَتِهِ، وَإِنَّمَا اعْتَبَرْنَا خِيَارَ الْعَيْبِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ؛ لِأَنَّ خِيَارَ الْعَيْبِ يَبْقَى بَعْدَ الْمَوْتِ وَخِيَارَ الرُّؤْيَةِ لَا يَبْقَى.
(الْوَصِيُّ) إذَا قَسَّمَ التَّرِكَةَ بَيْنَ الْوَرَثَةِ وَالْوَرَثَةُ صِغَارٌ كُلُّهُمْ لَيْسَ فِيهِمْ كَبِيرٌ لَا تَجُوزُ قِسْمَتُهُ؛ لِأَنَّ فِي الْقِسْمَةِ مَعْنَى الْبَيْعِ، وَالْوَصِيُّ إذَا بَاعَ مَالَ بَعْضِ الصِّغَارِ مِنْ الْبَعْضِ لَا يَجُوزُ، فَكَذَا لَا تَجُوزُ الْقِسْمَةُ وَالْحِيلَةُ لِلْوَصِيِّ فِي ذَلِكَ إذَا كَانَ الصَّغِيرُ اثْنَيْنِ أَنْ يَبِيعَ الْوَصِيُّ حِصَّةَ أَحَدِهِمَا مِنْ رَجُلٍ مُشَاعَةً ثُمَّ يُقَاسِمَ مَعَ الْمُشْتَرِي حِصَّةَ الصَّغِيرِ الَّذِي لَمْ يَبِعْ نَصِيبَهُ ثُمَّ يَشْتَرِيَ حِصَّةَ الصَّغِيرِ الَّذِي بَاعَ نَصِيبَهُ حَتَّى يَمْتَازَ نَصِيبُ أَحَدِهِمَا مِنْ الْآخَرِ، وَإِنَّمَا جَازَتْ هَذِهِ الْقِسْمَةُ؛ لِأَنَّهَا جَرَتْ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَحِيلَةٌ أُخْرَى أَنْ يَبِيعَ حِصَّتَهُمَا مِنْ رَجُلٍ ثُمَّ يَشْتَرِيَ مِنْ الْمُشْتَرِي حِصَّةَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُفْرَزَةً.
(إذَا) قَالَ الْمَرِيضُ: حُجُّوا عَنِّي بِثُلُثِ مَالِي حَجَّةً وَاحِدَةً، أَوْ قَالَ: حَجَّةً، وَلَمْ يَقُلْ: وَاحِدَةً - فَدَفَعَ الْوَصِيُّ إلَى رَجُلٍ مَالًا مُقَدَّرًا لِيُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهِ فِي الطَّرِيقِ ذَاهِبًا وَجَائِيًا وَبِمَكَّةَ فَأَنْفَقَ وَبَقِيَ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ قَلِيلٌ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ لِلْمَأْمُورِ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ فَالْقِيَاسُ أَنْ يَصِيرَ ضَامِنًا لِمَا أَنْفَقَ عَلَى نَفْسِهِ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يَصِيرُ ضَامِنًا وَكَانَ عَلَى الْمَأْمُورِ أَنْ يَرُدَّ مَا بَقِيَ فِي يَدِهِ عَلَى الْوَصِيِّ، وَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ أَوْصَى أَنْ يَكُونَ الْبَاقِي لِلْمَأْمُورِ فَإِنْ كَانَ عَيَّنَ رَجُلًا لِيَحُجَّ عَنْهُ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بِالْبَاقِي جَائِزَةً لَهُ لِحُصُولِهَا لِلْمَعْلُومِ، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بَاطِلَةً وَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ الْمُوصِي لِلْوَصِيِّ: أَعْطِ مَا بَقِيَ مِنْ النَّفَقَةِ مَنْ شِئْت فَإِذَا أَعْطَى الْوَصِيُّ الْمَأْمُورُ مَا بَقِيَ مِنْ النَّفَقَةِ يَجُوزُ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ قَالَ الْمُوصِي لِلْوَصِيِّ: أَعْطِ ثُلُثَ مَالِي مَنْ شِئْت، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(كِتَابُ الْخُنْثَى) وَفِيهِ فَصْلَانِ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ - فِي تَفْسِيرِهِ وَوُقُوعِ الْإِشْكَالِ فِي حَالِهِ يَجِبُ أَنْ يُعْلَمَ بِأَنَّ الْخُنْثَى مَنْ يَكُونُ لَهُ مَخْرَجَانِ قَالَ الْبَقَّالِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَوْ لَا يَكُونَ لَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا وَيَخْرُجُ الْبَوْلُ مِنْ ثُقْبَةٍ وَيُعْتَبَرُ الْمَبَالُ فِي حَقِّهِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ فَإِنْ كَانَ يَبُولُ مِنْ الذَّكَرِ فَهُوَ غُلَامٌ، وَإِنْ كَانَ يَبُولُ مِنْ الْفَرْجِ فَهُوَ أُنْثَى، وَإِنْ بَالِ مِنْهُمَا فَالْحُكْمُ لِلْأَسْبَقِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَإِنْ اسْتَوَيَا فِي السَّبَقِ فَهُوَ خُنْثَى