الصُّورَةِ يَصِيرُ الْوَكِيلُ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ أَيْضًا، فَإِنْ وَكَّلَهُ بِالشِّرَاءِ وَلَمْ يُسَمِّ لَهُ ثَمَنًا، فَإِنْ اشْتَرَى الْوَكِيلُ بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ إمَّا بِالدَّرَاهِمِ أَوْ بِالدَّنَانِيرِ يَصِيرُ مُشْتَرِيًا لِلْمُوَكِّلِ، وَإِنْ اشْتَرَى بِمَا سِوَى الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ يَصِيرُ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى؛ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ بِالشِّرَاءِ مُطْلَقًا يَنْصَرِفُ إلَى الشِّرَاءِ بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ بِحُكْمِ الْعُرْفِ عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ بِخِلَافِ التَّوْكِيلِ بِالْبَيْعِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالُوا: وَهُنَا حِيلَةٌ أُخْرَى فِي الْمَسْأَلَةِ أَنْ يُوَكِّلَ الْوَكِيلُ رَجُلًا بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ هَذِهِ الْجَارِيَةَ فَاشْتَرَاهَا حَالَ غَيْبَةِ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ فَاعْلَمْ بِأَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَمَّا إنْ لَمْ يَقُلْ الْآمِرُ لِلْوَكِيلِ الْأَوَّلِ اعْمَلْ فِيهِ بِرَأْيِك مَا صَنَعْت مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ جَائِزٌ وَإِنَّهُ عَلَى وَجْهَيْنِ أَيْضًا إمَّا أَنْ يَشْتَرِيَهَا الْوَكِيلُ الثَّانِي بِحَضْرَةِ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ.

وَفِي هَذَا الْوَجْهِ إنْ اشْتَرَاهَا بِالْقَدْرِ الَّذِي أَمَرَهُ الْآمِرُ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ أَوْ بِأَقَلَّ مِنْهُ يَنْفُذُ عَلَى الْآمِرِ، وَإِنْ اشْتَرَاهَا بِخِلَافِ ذَلِكَ الْجِنْسِ أَوْ بِذَلِكَ الْجِنْسِ وَلَكِنْ بِأَزْيَدَ مِنْهُ يَنْفُذُ عَلَى الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ شِرَاءَ الْوَكِيلِ الثَّانِي بِحَضْرَةِ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ بِمَنْزِلَةِ شِرَاءِ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ بِنَفْسِهِ، وَلَوْ اشْتَرَاهَا الْأَوَّلُ بِنَفْسِهِ كَانَ الْجَوَابُ عَلَى التَّفْصِيلِ الَّذِي قُلْنَا فَهَهُنَا كَذَلِكَ.

وَإِنْ اشْتَرَاهَا حَالَ غَيْبَةِ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ، فَإِنْ كَانَ الْوَكِيلُ الْأَوَّلُ لَمْ يُقَدِّرْ لِلْوَكِيلِ الثَّانِي ثَمَنًا يَصِيرُ الْوَكِيلُ الثَّانِي مُشْتَرِيًا لِلْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ هَذَا الشِّرَاءَ لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ أَمْرِ الْآمِرِ؛ لِأَنَّ أَمْرَ الْآمِرِ بِالشِّرَاءِ بِحَضْرَةِ رَأْيِ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ وَهَذَا الشِّرَاءُ لَمْ يَحْضُرْهُ رَأْيُ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ، فَإِنْ قَدَّرَ الْوَكِيلُ الْأَوَّلُ لِلْوَكِيلِ الثَّانِي ثَمَنًا فَاشْتَرَاهَا الْوَكِيلُ الثَّانِي بِغَيْبَةِ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ يَنْفُذُ الشِّرَاءُ عَلَى الْآمِرِ، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى يَنْفُذُ الشِّرَاءُ عَلَى الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ.

(رَجُلٌ) وَكَّلَ رَجُلًا بِأَنْ يَبِيعَ جَارِيَتَهُ وَقَبِلَ الْوَكِيلُ الْوَكَالَةَ، ثُمَّ أَرَادَ الْوَكِيلُ أَنْ يَشْتَرِيَهَا لِنَفْسِهِ فَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ الْوَكِيلُ لِمَوْلَى الْجَارِيَةِ: وَكِّلْنِي بِبَيْعِ هَذِهِ الْجَارِيَةِ وَأَجْرِ أَمْرِي فِيهَا وَمَا عَمِلْت فِي ذَلِكَ مِنْ شَيْءٍ، فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ يَنْبَغِي لِلْوَكِيلِ أَنْ يُوَكِّلَ رَجُلًا بِبَيْعِ هَذِهِ الْجَارِيَةِ، ثُمَّ الْوَكِيلُ الْأَوَّلُ يَشْتَرِيهَا مِنْ الْوَكِيلِ الثَّانِي فَيَجُوزُ، وَهَذَا لِأَنَّ صَاحِبَ الْجَارِيَةِ أَجَازَ صَنِيعَ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ وَالتَّوْكِيلُ مِنْ صَنِيعِهِ فَيَصِحُّ التَّوْكِيلُ مِنْهُ فَصَارَ الْوَكِيلُ الثَّانِي وَكِيلًا عَنْ صَاحِبِ الْجَارِيَةِ لَا عَنْ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ مَاتَ صَاحِبُ الْجَارِيَةِ يَنْعَزِلَانِ جَمِيعًا وَكَذَلِكَ لَوْ عَزَلَهُمَا يَنْعَزِلَانِ وَإِذَا عَزَلَ الثَّانِيَ وَحْدَهُ يَنْعَزِلُ وَإِذَا عَزَلَ الْوَكِيلُ الْأَوَّلُ الْوَكِيلَ الثَّانِيَ يَنْعَزِلُ الثَّانِي عَلَى رِوَايَةِ كِتَابِ الْحِيَلِ وَأَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا بِاعْتِبَارِ أَنَّ الثَّانِيَ وَكِيلٌ عَنْ الْأَوَّلِ وَلَكِنْ بِاعْتِبَارِ أَنَّ صَاحِبَ الْجَارِيَةِ أَجَازَ صَنِيعَ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ، وَعَزْلُ الثَّانِي مِنْ صَنِيعِهِ فَنَفَذَ عَلَيْهِ، وَإِذَا صَارَا وَكِيلَيْ صَاحِبِ الْجَارِيَةِ كَانَ لِلْوَكِيلِ الثَّانِي أَنْ يَبِيعَهَا مِنْ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ كَمَا لَوْ وَكَّلَ صَاحِبُ الْجَارِيَةِ بِبَيْعِ الْجَارِيَةِ بِنَفْسِهِ. وَإِنْ لَمْ يُجِزْ مَوْلَى الْجَارِيَةِ صَنِيعَ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ فَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَبِيعَهَا الْوَكِيلُ مِمَّنْ يَثِقُ بِهِ بِمِثْلِ قِيمَتِهَا حَتَّى يَجُوزَ الْبَيْعُ بِلَا خِلَافٍ وَيَدْفَعَهَا إلَى الْمُشْتَرِي، ثُمَّ يَسْتَقِيلَهُ الْعَقْدَ وَتَنْفُذُ الْإِقَالَةُ عَلَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015