(الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي الْحَجِّ) الْحِيلَةُ لِلْآفَاقِيِّ إذَا أَرَادَ دُخُولَ مَكَّةَ مِنْ غَيْرِ إحْرَامٍ مِنْ الْمِيقَاتِ أَنْ لَا يَقْصِدَ دُخُولَ مَكَّةَ وَإِنَّمَا يَقْصِدُ مَكَانًا آخَرَ وَرَاءَ الْمِيقَاتِ خَارِجَ الْحَرَمِ نَحْوَ بُسْتَانِ بَنِي عَامِرٍ فَإِنَّ بُسْتَانَ بَنِي عَامِرٍ مَوْضِعٌ هُوَ دَاخِلُ الْمِيقَاتِ إلَّا أَنَّهُ خَارِجُ الْحَرَمِ أَوْ مَوْضِعًا آخَرَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ لِحَاجَةٍ، ثُمَّ إذَا وَصَلَ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ يَدْخُلُ مَكَّةَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
(الْفَصْلُ السَّادِسُ فِي النِّكَاحِ) ادَّعَتْ امْرَأَةٌ عَلَى رَجُلٍ نِكَاحًا وَالرَّجُلُ يَجْحَدُ وَلَا بَيِّنَةَ لِلْمَرْأَةِ وَالِاسْتِحْلَافُ لَا يَجْرِي فِي النِّكَاحِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ لِلْقَاضِي: لَا يُمْكِنُنِي أَنْ أَتَزَوَّجَ؛ لِأَنَّ هَذَا زَوْجِي وَقَدْ أَنْكَرَ النِّكَاحَ فَمُرْهُ لِيُطَلِّقَنِي حَتَّى أَتَزَوَّجَ وَالزَّوْجُ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا؛ لِأَنَّ بِالطَّلَاقِ يَصِيرُ مُقِرًّا بِالنِّكَاحِ فَمَاذَا يَصْنَعُ، حُكِيَ عَنْ الشَّيْخِ الْإِمَامِ الزَّاهِدِ عَلِيٍّ الْبَزْدَوِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْقَاضِيَ يَقُولُ لِلزَّوْجِ قُلْ لَهَا: إنْ كُنْتِ امْرَأَتِي فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثَةً فَإِنَّ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ الزَّوْجُ لَا يَصِيرُ مُقِرًّا بِالنِّكَاحِ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَتْ امْرَأَةً لَهُ تَتَخَلَّصُ مِنْهُ وَيُمْكِنُهَا التَّزَوُّجُ بِغَيْرِهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى امْرَأَةٍ نِكَاحًا وَأَرَادَ الْقَاضِي تَحْلِيفَهَا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فَالْحِيلَةُ لَهَا فِي دَفْعِ الْيَمِينِ عَنْ نَفْسِهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ بِزَوْجٍ فَإِنَّ بَعْدَ مَا تَزَوَّجَتْ لَا تُسْتَحْلَفُ لِلْمُدَّعِي؛ لِأَنَّ فَائِدَةَ الِاسْتِحْلَافِ النُّكُولُ الَّذِي هُوَ إقْرَارٌ وَلَوْ أَقَرَّتْ بِالنِّكَاحِ لِلْمُدَّعِي بَعْدَ مَا تَزَوَّجَتْ بِزَوْجٍ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهَا فَلَا تُسْتَحْلَفُ لِانْعِدَامِ الْفَائِدَةِ.
إذَا أَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يُجَدِّدَ نِكَاحَ امْرَأَتِهِ وَلَا يَلْزَمَهُ مَهْرٌ آخَرُ بِلَا خِلَافٍ كَيْفَ يَصْنَعُ؟ يَجِبُ أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ مَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى مَهْرٍ مَعْلُومٍ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا ثَانِيًا بِمَهْرٍ مُسَمًّى هَلْ يَجِبُ التَّسْمِيَتَانِ، فَفِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ وَقَدْ مَرَّتْ الْمَسْأَلَةُ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ، ثُمَّ إذَا أَرَادَ الزَّوْجُ أَنْ لَا يَلْزَمَهُ مَهْرٌ آخَرُ بِلَا خِلَافٍ يَنْبَغِي أَنْ يُجَدِّدَ النِّكَاحَ وَلَا يَذْكُرَ الْمَهْرَ أَوْ يُجَدِّدَ النِّكَاحَ بِذَلِكَ الْمَهْرِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ مَهْرٌ آخَرُ.
الْأَبُ إذَا زَوَّجَ ابْنَتَهُ مِنْ إنْسَانٍ فَطَلَبُوا مِنْهُ أَنْ يُقِرَّ بِقَبْضِ شَيْءٍ مِنْ الصَّدَاقِ فَالْإِقْرَارُ بِالْقَبْضِ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ أَهْلَ الْمَجْلِسِ يَعْرِفُونَ أَنَّهُ كَذِبٌ حَقِيقَةً وَأَمَّا الْهِبَةُ، فَإِنْ كَانَتْ الْبِنْتُ كَبِيرَةً وَالْأَبُ يَقُولُ: أَهَبُ بِإِذْنِ الْبِنْتِ كَذَا وَكَذَا، ثُمَّ يَضْمَنُ لِلزَّوْجِ عَنْهَا وَيَقُولُ: إنْ أَنْكَرَتْ الْإِذْنَ بِالْهِبَةِ وَرَجَعْت عَلَيْك فَأَنَا ضَامِنٌ لَك عَنْهَا يَكُونُ هَذَا الضَّمَانُ صَحِيحًا لِكَوْنِهِ مُضَافًا إلَى سَبَبِ الْوُجُوبِ، وَإِنْ كَانَتْ الِابْنَةُ صَغِيرَةً فَالْهِبَةُ لَا تَصْلُحُ حِيلَةً وَلَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يُحِيلَ الزَّوْجُ بَعْضَ الصَّدَاقِ عَلَى أَبِي الصَّغِيرَةِ وَيُفْرِغَ ذِمَّتَهُ إنْ كَانَ أَبُو الصَّغِيرَةِ أَمْلَأَ مِنْ الزَّوْجِ أَوْ يَعْقِدَانِ الْعَقْدَ عَلَى مَا وَرَاءَ مَا وَقَعَ الِاتِّفَاقُ عَلَى هِبَتِهِ حَتَّى إنَّهُ إنْ وَقَعَ الِاتِّفَاقُ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْمَوْهُوبُ مِنْ الْخَمْسِمِائَةِ مِائَةً يَنْبَغِي أَنْ يُعْقَدَ الْعَقْدُ عَلَى أَرْبَعِمِائَةٍ وَإِذَا جَعَلَ بَعْضَ مَهْرِ ابْنَتِهِ الْبَالِغَةِ مُعَجَّلًا وَالْبَعْضَ مُؤَجَّلًا وَالْبَعْضَ هِبَةً كَمَا هُوَ الْمَعْهُودُ وَطَلَبُوا مِنْ الْأَبِ الضَّمَانَ وَمُرَادُ الْأَبِ أَنْ لَا يَلْزَمَهُ شَيْءٌ يَقُولُ الْأَبُ: أَهَبُ كَذَا، فَإِنْ لَمْ تُجِزْ الِابْنَةُ الْهِبَةَ فَهِيَ عَلِيَّ، وَلَا يَقُولُ: أَهَبُ بِإِذْنِ الِابْنَةِ عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرْنَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يُلْزَمُ الْأَبُ بِشَيْءٍ.
لَهُ مَمْلُوكٌ سَأَلَهُ أَنْ يُزَوِّجَهُ أَمَةً أَوْ حُرَّةً فَخَافَ الْمَوْلَى إنْ زَوَّجَهُ يَتَكَاسَلُ فِي أُمُورِهِ أَوْ لَا يَرْغَبَ أَحَدٌ فِي شِرَائِهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَالْحِيلَةُ لِلْمَوْلَى أَنْ يَقُولَ: زَوَّجْتُك أَمَتِي هَذِهِ أَوْ هَذِهِ الْحُرَّةَ عَلَى أَنَّ أَمْرَهَا بِيَدِي أُطَلِّقُهَا كَمَا أُرِيدُ، فَإِذَا قَبِلَ الْعَبْدُ نِكَاحَهَا يَصِيرُ الْأَمْرُ بِيَدِ الْمَوْلَى يُطَلِّقُهَا الْمَوْلَى كُلَّمَا أَرَادَ.
رَجُلٌ أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً فَخَافَتْ الْمَرْأَةُ أَنْ يُخْرِجَهَا مِنْ تِلْكَ الْبَلْدَةِ أَوْ خَافَتْ أَنْ يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا